والأرض، فذلك كسوفهما، ثم إن الملائكة يخرجونهما فذلك تجليتهما من الكسوف... إلى أشياء أخر لا حاجة إلى ذكرها، فأعرضت عنها لمنافاتها العقول، ولو صح إسنادها لذكرناها وقلنا به، ولكن الحديث غير صحيح. ومثل هذا الأمر العظيم لا يجوز أن يسطر في الكتب بمثل هذا الإسناد الضعيف ".
كما أنه كان إذا مرت به حادثة لم يثبت منها نقدا، شأنه في كلامه على الدولة الغورية سنة 547 ه 1152 م، وذاك حيث يقول: " وبالجملة فابتداء دولة الغورية عندي فيه خلف، لو ينكشف الحق أصلحه إن شاء الله ".
فمثل هذه النقدات وإن تكن غير كثيرة، إن هي إلا أوليات لفلسفة التاريخ، وإن يكن في تعليله لبعض الحوادث ضعف، ونظريات لا يصوبها النقد التاريخ الحديث، فهو في كلامه مثلا على الدول العربية وغيرها، وانتقال الملك من مؤسسه إلى غير من هو من صلبه يعلل لذلك بقوله:
" والذي أظنه السبب في ذلك أن الذي يكون أول دولة يكبر ويأخذ الملك وقلوب من كان فيه متعلقة به، فلهذا يحرمه الله أعقابه ".
فهذا التعليل غير قوي، وإنما هو يرتكز على الظن لا على أساس متين.
ومن خصائصه أنه كان يضبط في آخر كل سنة أو فصل الأسماء بالحركات ويقيدها إزالة لكل لبس، كما أنه كان إذا كان ذكر فتح بلد أو ناحية شرح اسم البلد ولم سمي به، ومم اشتق هذا الاسم.
وإذا كان ابن الأثير قد اعتمد في الأجزاء السبعة الأولى من كتابه على أبي جعفر الطبري، فذلك لم يمنعه من أن يستمد من مصادر أخرى كابن الكلبي والمبرد والبلاذري والمسعودي ما ترك الطبري عن قصد أو غير قصد وذلك مثل أيام العرب قبل الإسلام والوقائع بين قيس وتغلب في القرن الأول الهجري وغزو العرب السند وغيرها.
فابن الأثير مؤرخ يمتاز بشدة التثبت فيما ينقل، بل قد يسمو أحيانا