ليلا وقد قسم الغنيمة وجئ بالشمع فأطعم الناس تمرا وسمنا، فلما أكل الناس نادى: من جاء بحزمة حطب فله قدره تمر فجاء سدوس وصليع بحطب وأخذا قدرتين من تمر وجلسا قريبا من قبته. ثم انصرف صليع إلى حجر فأخبره بعسكر زياد وأراه التمر.
وأما سدوس فقال: لا أبرح حتى آتيه بأمر جلي. وجلس مع القوم يتسمع ما يقولون، وهند امرأة حجر خلف زياد. فقالت لزياد: إن هذا التمر أهدى إلى حجر من هجر والسمن من دومة الجندل ثم تفرق أصحاب زياد عنه فضرب سدوس يده إلى جليس له وقال له من أنت مخافة أن يستنكره الرجل فقال أنا فلان بن فلان ودنا سدوس من قبة زياد بحيث يسمع كلامه ودنا زياد من امرأة حجر فقبلها وداعبها وقال لها ما ظنك الآن بحجر فقالت ما هو ظن ولكنه يقين إنه والله لن يدع طلبك حتى تعاين القصور الحمر يعني قصور الشام وكأني به في فوارس من بني شيبان يذمرهم ويذمرونه وهو شديد الكلب تزبد شفتاه كأنه بعير أكل مرارا فالنجاء فالنجاء فإن وراءك طالبا حثيثا وجمعا كثيفا وكيدا متينا ورأيا صليبا.
فرفع يده فلطمها ثم قال لها ما قلت هذا إلا من عجبك به وحبك له.
فقالت والله ما أبغضت أحدا بغضي له ولا رأيت رجلا أحزم منه نائما ومستيقظا إن كان لتنام عيناه فبعض أعضائه مستيقظ وكان إذا أراد النوم أمرني أن أجعل عنده عسا من لبن فبينا هو ذات ليلة نائم وأنا قريب منه أنظر إليه إذ أقبل أسود سالخ إلى رأسه فنحى رأسه فمال إلى يديه فقبضها فمال إلى رجله فقبضها فمال إلى العس فشربه ثم مجه فقلت يستيقظ فيشربه فيموت فاستريح منه فانتبه من نومه فقال علي بالإناء فناولته فشمه ثم ألقاه فهريق فقال أين ذهب الأسود فقلت وما رأيته فقال كذبت والله