ثم عاد إلى الحيرة، قلت: هكذا قال بعض العلماء أن زياد بن هبولة السليحي ملك الشام غزا حجرا وهذا غير صحيح لأن ملوك سليح كانوا بأطراف الشام مما يلي البر من فلسطين إلى قنسرين والبلاد للروم ومنهم أخذت غسان هذه البلاد وكلهم كانوا عمالا لملوك الروم كما كان ملوك الحيرة عمالا لملوك الفرس على البر والعرب ولم يكن سليح ولا غسان مستقلين بملك الشام ولا بشبر واحد على سبيل التفرد والاستقلال.
وقولهم: ملك الشام، غير صحيح وزياد بن هبولة السليحي ملك مشارف الشام أقدم من حجر آكل المرار بزمان طويل لأن حجرا هو جد الحارث بن عمرو بن حجر الذي ملك الحيرة والعرب بالعراق أيام قباذ أبي أنوشروان وبين ملك قباذ والهجرة نحو مائة وثلاثين سنة وقد ملكت غسان أطراف الشام بعد سليح ستمائة سنة وقيل خمسمائة سنة وأقل ما سمعت فيه ثلاثمائة سنة وست عشرة سنة وكانوا بعد سليح ولم يكن زياد آخر ملوك سليح فتزيد المدة زيادة أخرى وهذا تفاوت كثيرا فكيف يستقيم أن يكون ابن هبولة الملك أيام حجر حتى يغير عليه.
ويحث أطبقت رواة العرب على هذه الغزاة فلا بد من توجيهها وأصلح ما قيل فيه.
إن زياد بن هبولة المعاصر لحجر كان رئيسا على قوم أو متغلبا على بعض أطراف الشام حتى يستقيم هذا القول والله أعلم.
وقولهم أيضا إن حجر عاد إلى الحيرة لا يستقيم أيضا لأن ملوك الحيرة من ولد عدي بن نصر اللخمي لم ينقطع ملكهم لها إلا أيام قباذ فإنه استعمل الحارث بن عمرو بن حجر آكل المرار كما ذكرناه قبل فلما ولي