وذلك كله يسمعه سدوس فسار حتى أتى حجرا فلما دخل عليه قال:
(أتاك المرجفون بأمر غيب * على دهش وجئتك باليقين) (فمن يك قد أتاك بأمر لبس * فقد آتى بأمر مستبين) ثم قص عليه ما سمع فجعل حجر يعبث بالمرار ويأكل منه غضبا وأسفا ولا يشعر أنه يأكله من شدة الغضب فلما فرغ سدوس من حديثه وجد حجر المرار فسمي يومئذ آكل المرار والمرار نبت شديد المرارة لا تأكله دابة إلا قتلها.
ثم أمر حجر فنودي في الناس وركب وسار إلى زياد فاقتتلوا قتالا شديدا فانهزم زياد وأهل الشام وقتلوا قتلا ذريعا واسنتقذت بكر وكندة ما كان بأيديهم من الغنائم والسبي وعرف سدوس زيادا فحمل عليه فاعتنقه وصرعه وأخذه أسيرا فلما رآه عمرو بن أبي ربيعة حسده فطعن زيادا فقتله فغضب سدوس وقال قتلت أسيري وديته دية ملك.
فتحاكما إلى حجر فحكم على عمرو وقومه لسدوس بدية ملك وأعانهم من ماله وأخذ حجر زوجته هندا فربطها في فرسين ثم ركضهما حتى قطعاها ويقال بل أحرقها وقال فيها:
(إن من غره الناس بشيء * بعد هند لجاهل مغرور) (حلوة العين والحديث ومر * كل شيء أجن منها الضمير) (كل أنثى وإن بدى لك منها * آية الحب حبها خيتعور)