على بعير في غرارتين وجعل معقد رؤوسهما من باطنهما وقال له إذا دخلت مدينة الزباء أقمتك على باب نفقها وخرجت الرجال من الغرائر فصاحوا بأهل المدينة فمن قاتلهم قاتلوه وإن أقبلت الزباء تريد نفقتها قتلتها.
ففعل عمرو ذلك وساروا فلما كانوا قريبا من الزباء تقدم قصير إليها فبشرها وأعلمها كثرة ما حمل من الثياب والطرائف وسألها أن تخرج وتنظر إلى الإبل وما عليها وكان قصير يكمن النهار ويسير الليل وهو أول من فعل ذلك فخرجت الزباء فأبصرت الإبل تكاد قوائمها تسوخ في الأرض فقالت يا قصير، (ما للجمال مشيها وئيدا * أجندلا يحملن أم حديدا) (أم صرفانا باردا شديدا * أم الرجال جثما قعودا) ودخلت الإبل المدينة، فلما توسطتها أنيخت وخرج الرجال من الغرائر ودل قصير عمرا على باب النفق وصاحوا بأهل المدينة ووضعوا فيهم السلاح وقام عمرو على باب النفق وأقبلت الزباء تريد الخروج من النفق فلما أبصرت عمرا قائما على باب النفق فعرفته بالصورة التي عملها المصور فمصت سما كان في خاتمها فقالت بيدي لا بيد عمرو فذهب مثلا وتلقاها بالسيف فقتلها وأصاب ما أصاب من المدينة ثم عاد إلى العراق. وصار الملك بعد جذيمة لابن أخته عمرو بن عدي بن نصر بن ربيعة بن عمرو بن الحرث بن مسعود بن مالك بن غنم بن نمارة بن لخم وهو أول من اتخذ الحيرة