يرفلون في حللهم فلما أخذوا مجالسهم ومدوا أيديهم يأكلون أخذت جديس سيوفهم من الرمل وقتلوهم وقتلوا ملكهم وقتلوا بعد ذلك السفلة.
ثم إن بقية طسم قصدوا حسان بن تبع ملك اليمن فاستنصروه فسار إلى اليمامة فلما كان منها على مسيرة ثلاث قال له بعضهم إن لي أختا متزوجة في جديس يقال لها اليمامة تبصر الراكب من مسيرة ثلاث وإني أخاف أن تنذر القوم بك فمر أصحابك فليقطع كل رجل منهم شجرة فليجعلها أمامه.
فأمرهم حسان بذلك، فنظرت اليمامة فأبصرتهم فقالت لجديس: لقد سارت إليكم حمير. قالوا: وما ترين؟ قالت: أرى رجلا في شجره معه كتف يتعرقها أو نعل يخصفها، وكان كذلك فكذبوها، فصبحهم حسان فأبادهم وأتى حسان باليمامة ففقأ عينها فإذا فيها عروق سود فقال ما هذا؟ قالت: حجر أسود كنت أكتحل به يقال له الإثمد وكانت أول من اكتحل به. وبهذه اليمامة سميت اليمامة، وقد أكثر الشعراء ذكرها في أشعارهم.
ولما هلكت جديس هرب الأسود قالت عمليق إلى جبلي طيئ فأقام بهما وذلك قبل أن تنزلهما طيئ وكانت طيئ تنزل الجرف من اليمن وهو الآن لمراد وهمدان وكان يأتي إلى طيئ بعير أزمان الخريف عظيم السمن ويعود عنهم ولم يعلموا من أين يأتي ثم إنهم اتبعوه يسيرون بسيره حتى هبط بهم على أجا وسلمى جبلي طيئ وهما بقرب فيد فرأوا فيه النخل والمراعي الكثيرة ورأوا الأسود بن عفار فقتلوه وأقامت طيئ بالجبلين بعده فهم إلى الآن وهذا أول مخرجهم إليهما.