فأخلصوا النية في ذلك وقصدوا شيخا وقالوا له قد نزل بنا ما ترى فما نفعل. قال آمنوا بالله وتوبوا وقولوا يا حي يا قيوم يا حي حين لاحي ويا حي محيي الموتى يا حي لا إله إلا أنت فخرجوا من القرية إلى مكان رفيع فيه براز من الأرض وفرقوا بين كل دابة وولدها ثم عجوا إلى الله واستقالوه وردوا المظالم جميعا حتى إن كان أحدهم ليقلع الحجر من بنائه فيرده إلى صاحبه.
فكشف الله عنهم العذاب وكان يوم عاشوراء يوم الأربعاء وقيل لنصف من شوال يوم الأربعاء وانتظر يونس الخبر عن القرية وأهلها حتى مر به مار فقال ما فعل أهل القرية فقال تابوا إلى الله فقبل منهم وأخر عنهم العذاب فغضب يونس عند ذلك فقال والله لا أرجع كذابا ولم تكن قرية رد الله عنهم العذاب بعدما غشيتهم إلا قوم يونس ومضى مغاضبا لربه وكان فيه حده وعجلة وقلة صبر ولذلك نهي النبي صلى الله عليه وسلم أن يكون مثله فقال الله تعالى (ولا تكن كصاحب الحوت).
ولما مضى ظن أن الله لا يقدر عليه أي يقضي عليه العقوبة، وقيل: يضيق عليه الحبس فسار حتى ركب في سفينة فأصاب أهلها عاصف من الريح وقيل بل وقفت فلم تسر فقال من فيها هذا بخطيئة أحدكم فقال يونس: هذا بخطيئتي فألقوني في البحر، فأبوا عليه حتى أفاضوا بسهامهم فساهم فكان من المدحضين فلم يلقوه وفعلوا ذلك ثلاثا ولم يلقوه فألقى نفسه في البحر وذلك تحت الليل فالتقمه الحوت فأوحى الله