لأمه، فلما دخلوا على يوسف عرفهم وهم له منكرون وإنما أنكروه لبعد عهدهم منه ولتغير لبسه فإنه لبس ثياب الملوك فلما نظر إليهم قال أخبروني ما شأنكم قالوا نحن من الشام جئنا نمتار الطعام قال كذبتم أنتم عيون فأخبروني خبركم قالوا نحن عشرة أولاد رجل واحد صديق كنا اثني عشر وأنه كان لنا أخ فخرج معنا إلى البرية فهلك وكان أحبنا إلى أبينا قال فإلى من سكن أبوكم بعده قالوا إلى أخ لنا أصغر منه قال فأتوني به أنظر إليه (فإن لم تأتوني به فلا كيل لكم عندي ولا تقربون) قالوا سنراود عنه أباه قال فاجعلوا بعضكم عندي رهينة حتى ترجعوا فوضعوا شمعون أصابته القرعة. وجهز يوسف بجهازهم وقال لفتيانه اجعلوا بضاعتهم يعني ثمن الطعام في رحالهم لعلهم يرجعون لما علم أن أمانتهم وديانتهم تحملهم على رد البضاعة فيرجعون إليه لأجلها.
وقيل: رد مالهم لأنه خشي أن لا يكون عند أبيه ما يرجعون به مرة أخرى فإذا رأوا معهم بضاعة عادوا وكان يوسف حين رأى ما بالناس من الجهد قد آسى بينهم وكان لا يحمل للرجل إلا بعيرا.
فلما رجعوا إلى أبيهم بأحمالهم قالوا يا أبانا إن عزيز مصر قد أكرمنا كرامة لو أنه بعض أولاد يعقوب ما زاد على كرامته وأنه ارتهن شمعون وقال ائتوني بأخيكم الذي عطف عليه أبوكم بعد أخيكم (فان لم تأتوني به فلا كيل لكم عندي ولا تقربون) قال: (هل آمنكم عليه إلا كما أمنتكم على أخيه من قبل). (ولما فتحوا متاعهم وجدوا بضاعتهم ردت إليه قالوا يا أبانا ما