القرمطي مدينة السلام مصلوبا على دقل والدقل على ظهر فيل فأمر بهدم طاقات الأبواب التي يجتاز بها الفيل إذ كانت أقصر من الدقل وذلك مثل باب الطاق وباب الرصافة وغيرهما ثم استسمج المكتفى فيما ذكر فعل ما كان عزم عليه من ذاك فعمل له دميانة غلام يا زمان كرسيا وركب الكرسي على ظهر الفيل وكان ارتفاعه عن ظهر الفيل ذراعين ونصف ذراع فيما قيل ودخل المكتفى مدينة السلام بغداد صبيحة يوم الاثنين لليلتين خلتا من شهر ربيع الأول وقدم الاسرى بين يديه على جمال مقيدين عليهم دراريع حرير وبرانس حرير والمطوق في وسطهم غلام ما خرجت لحيته قد جعل في فيه خشبة مخروطة وشدت إلى قفاه كهيئة اللجام وذلك أنه لما أدخل الرقة كان يشتم الناس إذا دعوا عليه ويبزق عليهم ففعل ذلك به لئلا يشتم إنسانا ثم أمر المكتفى ببناء دكة في المصلى العتيق من الجانب الشرقي تكسيرها عشرون ذراعا في عشرين ذراعا وارتفاعها نحو من عشرة أذرع وبنى لها درج يصعد منها إليها وكان المكتفى خلف مع محمد ابن سليمان عساكره بالرقة عند منصرفه إلى مدينة السلام فتلقط محمد بن سليمان من كان في تلك الناحية من قواد القرمطي وقضاته وأصحاب شرطه فأخذهم وقيدهم وانحدر والقواد الذين تخلفوا معه إلى مدينة السلام على طريق الفرات فوافى باب الأنبار ليلة الخميس لاثنتي عشرة خلت من شهر ربيع الأول ومعه جماعة من القواد منهم خاقان المفلحي ومحمد بن إسحاق بن كنداجيق وغيرهما فأمر القواد الذين ببغداد بتلقي محمد بن سليمان والدخول معه فدخل بغداد وبين يديه نيف وسبعون أسيرا حتى صار إلى الثريا فخلع عليه وطوق بطوق من ذهب وسور بسوارين من ذهب وخلع على جميع القواد القادمين معه وطوقوا وسوروا وصرفوا إلى منازلهم وأمر بالأسرى إلى السجن * وذكر عن صاحب الشامة أنه أخذ وهو في حبس المكتفى سكرجة من المائدة التي تدخل إليه فكسرها وأخذ شظية منها فقطع بها بعض عروق نفسه فخرج منه دم كثير ثم شد يده فلما وقف المولى خدمته على ذلك سأله لم فعل ذلك فقال هاج بي الدم فأخرجته فترك حتى
(٢٢٩)