والغلبة حتى يظهر الله دينه على الدين كله ولو كره المشركون * وقد انتهى إلى أمير المؤمنين ما عليه جماعة من العامة من شبهة قد دخلتهم في أديانهم وفساد قد لحقهم في معتقدهم وعصبية قد غلبت عليها أهواؤهم ونطقت بها ألسنتهم على غير معرفة ولا روية وقلدوا فيها قادة الضلالة بلا بينة ولا بصيرة وخالفوا السنن المتبعة إلى الأهواء المبتدعة قال الله عز وجل (ومن أضل ممن اتبع هواه بغير هدى من الله إن الله لا يهدى القوم الظالمين) خروجا عن الجماعة ومسارعة إلى الفتنة وإيثارا للفرقة وتشتيتا للكلمة وإظهارا لموالاة من قطع الله عنه الموالاة وبتر منه العصمة وأخرجه من الملة وأوجب عليه اللعنة وتعظيما لمن صغر الله حقه وأوهن أمره وأضعف ركنه من بنى أمية الشجرة الملعونة ومخالفة لمن استنقذهم الله به من الهلكة وأسبغ عليهم به النعمة من أهل بيت البركة والرحمة قال الله عز وجل (يختص برحمته من يشاء والله ذو الفضل العظيم) فأعظم أمير المؤمنين ما انتهى إليه من ذلك ورأى في ترك إنكاره حرجا عليه في الدين وفسادا لمن قلده الله أمره من المسلمين وإهمالا لمن أوجبه الله عليه من تقويم المخالفين وتبصير الجاهلين وإقامة الحجة على الشاكين وبسط اليد على العاندين وأمير المؤمنين يرجع إليكم معشر الناس بأن الله عز وجل لما ابتعث محمدا بدينه وأمره أن يصدع بأمره بدأ بأهله وعشيرته فدعاهم إلى ربه وأنذرهم وبشرهم ونصح لهم وأرشدهم فكان من استجاب له وصدق قوله واتبع أمره نفر يسير من بنى أبيه من بين مؤمن بما أتى به من ربه وبين ناصر له وإن لم يتبع دينه إعزازا له وإشفاقا عليه لماضي علم الله فيمن اختار منهم ونفذت مشيئته فيما يستودعه إياه من خلافته وإرث نبيه فمؤمنهم مجاهد بنصرته وحميته يدفعون من نابذه وينهرون من عاره وعانده ويتوثقون له ممن كانفه وعاضده ويبايعون له من سمح بنصرته ويتجسسون له أخبار أعدائه ويكيدون له بظهر الغيب كما يكيدون له برأي العين حتى بلغ المدى وحان وقت الاهتداء فدخلوا في دين الله وطاعته وتصديق رسوله والايمان به بأثبت بصيرة وأحسن هدى ورغبة فجعلهم الله أهل بيت الرحمة وأهل
(١٨٤)