الجمعة على المنبر فلما صلى الناس الجمعة بادروا إلى المقصورة ليسمعوا قراءة الكتاب فلم يقرأ * فذكر أن المعتضد أمر بإخراج الكتاب الذي كان المأمون أمر بإنشائه بلعن معاوية فأخرج له من الديوان فأخذ من جوامعه نسخة هذا الكتاب وذكر أنها نسخة الكتاب الذي أنشئ للمعتضد بالله (بسم الله الرحمن الرحيم) الحمد لله العلي العظيم الحليم الحكيم العزيز الرحيم المنفرد بالوحدانية الباهر بقدرته الخالق بمشيئته وحكمته الذي يعلم سوابق الصدور وضمائر القلوب لا يخفى عليه خافية ولا يعزب عنه مثقال ذرة في السماوات العلى ولا في الأرضين السفلى قد أحاط بكل شئ علما وأحصى كل شئ عددا وضرب لكل شئ أمدا وهو العليم الخبير والحمد لله الذي برأ خلقه لعبادته وخلق عباده لمعرفته على سابق علمه في طاعة مطيعهم وماضي أمره في عصيان عاصيهم فبين لهم ما يأتون وما يتقون ونهج لهم سبل النجاة وحذرهم مسالك الهلكة وظاهر عليهم الحجة وقدم إليهم المعذرة واختار لهم دينه الذي ارتضى لهم وأكرمهم به وجعل المعتصمين بحبله والمتمسكين بعروته أولياءه وأهل طاعته والعاندين عنه والمخالفين له أعداءه وأهل معصيته ليهلك من هلك عن بينة ويحيى من حي عن بينة وإن الله لسميع عليم والحمد لله الذي اصطفى محمدا رسوله من جميع بريته واختاره لرسالته وابتعثه بالهدى والدين المرتضى إلى عباده أجمعين وأنزل عليه الكتاب المبين المستبين وتأذن له بالنصر والتمكين وأيده بالعز والبرهان المتين فاهتدى به من اهتدى واستنقذ به من استجاب له من العمى وأضل من أدبر وتولى حتى أظهر الله أمره وأعز نصره وقهر من خالفه وأنجز له وعده وختم به رسله وقبضه مؤديا لامره مبلغا لرسالته ناصحا لامته مرضيا مهتديا إلى أكرم مآب المنقلبين وأعلى منازل أنبيائه المرسلين وعباده الفائزين فصلى الله عليه أفضل صلاة وأتمها وأجلها وأعظمها وأزكاها وأطهرها وعلى آله الطيبين والحمد لله الذي جعل أمير المؤمنين وسلفه الراشدين المهتدين ورثة خاتم النبيين وسيد المرسلين والقائمين بالدين والمقومين لعباده المؤمنين والمستحفظين ودائع الحكمة ومواريث النبوة والمستخلفين في الأمة والمنصورين بالعز والمنعة والتأييد
(١٨٣)