والكتاب في صورته التي وصلنا بها يضم ثلاثة أقسام:
أولها عن حياة الرسول صلوات الله وسلامه عليه في المدينة، وهو ناقص من أوله ومن آخره ومضطرب الترتيب إذا قورن بما على شاكلته من الكتب.
ويليه قسم آخر عن حياة أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه في المدينة، وهو أيضا ناقص من أوله وناقص من آخره.
ويليه قسم ثالث عن حياة أمير المؤمنين عثمان بن عفان رضي الله عنه في المدينة، وهو ناقص من أوله ومن آخره أيضا. ولا تخلو الأقسام الثلاثة من سقط وبياض وخرم يتراوح بين الكلمة والصفحة، ولكنه يكثر في القسم الثالث.
ويلاحظ أن الكتاب لا يضم تاريخا لخليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم أبي بكر الصديق رضي الله عنه. وهذا يدعو إلى افتراض أحد فرضين: إما أن المؤلف ضمن كتابه تاريخ أبي بكر، ولكنه فقد من الكتاب في محنته التي أشرنا إليها سابقا والتي عوقب فيها بتمزيق كتبه، وإما أنه أهمل تاريخ أبي بكر، لان عصره كان قصيرا قضاه أبو بكر مشتغلا بحروب الردة مما صرفه عن الاهتمام بالحياة العمرانية للمدينة وغير العمرانية من أمور الدنيا، والله أعلم أي الفرضين هو الصواب.
والقسم الأول: يمكن أن يقال بشأنه إنه يؤرخ لحياة الرسول صلوات الله وسلامه عليه في المدينة منذ أن هاجر إليها إلى أن لحق بالرفيق الاعلى ويعالج من خلال ذلك الحياة العمرانية للمدينة من حيث إقامة المساجد وتخصيص الصدقات، وتخطيط الاحياء وإنزال القبائل في أحياء خاصة بهم وتخطيط الأسواق ومقابر المدينة وذكر الآبار والعيون وحدود المدينة وما حولها من جبال ووديان ومجتمع مياهها ومخايضها وما حماه النبي صلى الله عليه وسلم لابل الصدقة وغيرها.
وهو في ذلك يعد أقدم نص وصلنا عن تاريخ العمران في مدينة الرسول صلوات الله وسلامه عليه.