قلت: لا ريب في عدم التحالف في مسألة المدة لو كانت الدعوى في نفس استحقاق الزائد منها، من دون تعرض في الدعوى، لسببه، ضرورة كون إنكارها على مقتضى الأصل.
أما لو كانت الدعوى في سبب استحقاقها بعد اتفاقهما على كونه عقدا مشخصا ووقع النزاع في كيفية تشخيصه، فقال المالك مثلا: إنه بمدة قليلة، وقال العامل:
إنه بمدة كثيرة، فلا ريب في أن المتجه التحالف، لكون كل منهما مدعيا ومنكرا ودعوى كل منهما مخالفة للأصل، والقلة والكثرة بالنسبة إلى تشخيصهما العقد، على حد سواء، في مخالفة الأصل، إلا أن ظاهر الأصحاب هنا تقديم قول مدعي القلة حتى لو كانت الدعوى على الفرض المزبور.
وأما الحصة فالقول فيها قول صاحب البذر، وإن كانت الدعوى كذلك، لأصالة تبعية النماء، اللهم إلا أن يقال: إن التمليك هنا لعقد المزارعة المفيد تشريكا للعامل والمالك في نماء البذر ومنفعة الأرض، والعمل والعوامل، سواء كان البذر من المالك أو العامل، فلا أثر حينئذ لتبعية النماء هنا، فإنه يفيد التمليك لو لم يكن ثم عقد مزارعة، أما معه فالتمليك مستند إليه لا إلى التبعية المزبورة، حتى بالنسبة إلى صاحبه، وحينئذ يتجه التحالف لولا ظهور اتفاق الأصحاب، على أن القول قول صاحبه، نعم لو فرض خروجه عنهما اتجه التحالف حينئذ لكنه كما ترى، ضرورة عدم تمليك عقد المزارعة ما هو ملك للانسان نفسه، إذ النماء جزء من الأصل.
نعم قد يقال: إذا فرض كون الدعوى في تشخيص العقد المتفق على وقوعه بينهما فلا ريب في اقتضاء الأصل، نفي كل منهما، وموافقة مدعي القلة إذا كان البذر له لأصالة التبعية لا تقتضي ترجيحه على وجه يكون به منكرا، خصوصا مع امكان معارضته بأصالة عدم استحقاق منفعة الأرض مثلا، بما ادعاه من الحصة لو كان البذر للعامل الذي يفرض دعواه القلة، بل لعل صاحب الأرض هو كصاحب اليد بالنسبة إلى ما يكون فيها.