وقيل: الطربال القطعة العالية من الجدار والصخرة العظيمة المشرفة من الجبل، وطرابيل الشام: صوامعها.
والغريان أيضا: خيالان من أخيلة حمى فيد بينهما وبين فيد ستة عشر ميلا يطؤهما طريق الحاج، عن الحازمي، والخيال: ما نصب في أرض ليعلم أنها حمى فلا تقرب، وحمى فيد: معروف وله أخيلة، وفيهما يقول الشاعر فيما أحسب:
وهل أرين بين الغريين فالرجا * إلى مدفع الريان سكنا تجاوره؟
لان الرجا والريان قريتان من هذا الموضع، وقال ابن هرمة:
أتمضي ولم تلمم على الطلل القفر * لسلمى ورسم بالغريين كالسطر عهدنا به البيض المعاريب للصبا * وفارط أحواض الشباب الذي يقري وقال السمهري العكلي:
ونبئت ليلى بالغريين سلمت * علي، ودوني طخفة ورجامها عديد الحصى والأثل من بطن بيشة * وطرفائها ما دام فيها حمامها قال: فأما الغريان بالكوفة فحدث هشام بن محمد الكلبي قال: حدثني شرقي بن القطامي قال: بعثني المنصور إلى بعض الملوك فكنت أحدثه بحديث العرب وأنسابها فلا أراه يرتاح لذلك ولا يعجبه، قال: فقال لي رجل من أصحابه يا أبا المثنى أي شئ الغري في كلام العرب؟ قلت: الغري الحسن، والعرب تقول:
هذا رجل غري، وإنما سميا الغريين لحسنهما في ذلك الزمان، وإنما بني الغريان اللذان في الكوفة على مثل غريين بناهما صاحب مصر وجعل عليهما حرسا فكل من لم يصل لهما قتل إلا أنه يخيره خصلتين ليس فيهما النجاة من القتل ولا الملك ويعطيه ما يتمنى في الحال ثم يقتله، فغبر بذلك دهرا، قال: فأقبل قصار من أهل إفريقية ومعه حمار له وكذين فمر بهما فلم يصل فأخذه الحرس فقال: ما لي؟ فقالوا:
لم تصل للغريين، فقال: لم أعلم، فذهبوا به إلى الملك فقالوا: هذا لم يصل للغريين، فقال له: ما منعك أن تصلي لهما؟ قال: لم أعلم وأنا رجل غريب من أهل إفريقية أحببت أن أكون في جوارك لأغسل ثيابك وثياب خاصتك وأصيب من كنفك خيرا، ولو علمت لصليت لهما ألف ركعة، فقال له: تمن، فقال: وما أتمنى؟ فقال: لا تتمن الملك ولا أن تنجي نفسك من القتل وتمن ما شئت، وقال: فأدبر القصار وأقبل وخضع وتضرع وأقام عذره لغربته فأبى أن يقبل، فقال إني أسألك عشرة آلاف درهم، فقال: علي بعشرة آلاف درهم، قال: وبريدا، فأتى البريد فسلم إليه وقال: إذا أتيت إفريقية فسل عن منزل فلان القصار فادفع هذه العشرة آلاف درهم إلى أهله، ثم قال له الملك: تمن الثانية، فقال: أضرب كل واحد منكم بهذا الكذين ثلاث ضربات واحدة شديدة وأخرى وسطى وأخرى دون ذلك، قال: فارتاب الملك ومكث طويلا ثم قال لجلسائه: ما ترون؟ قالوا: نرى أن لا تقطع سنة سنها آباؤك، قالوا: فبمن تبدأ؟ قال: أبدأ بالملك ابن الملك الذي سن هذا، قال: فنزل عن سريره ورفع القصار الكذين فضرب أصل قفاه فسقط على وجهه، فقال الملك: ليت شعري أي الضربات هذه!
والله لئن كانت الهينة ثم جاءت الوسطى والشديدة لأموتن! فنظر إلى الحرس وقال: أولاد الزنا، تزعمون أنه لم يصل وأنا والله رأيته حيث صلى، خلوا سبيله