بسيفه فانجفلت مواشي أهلها وعواملهم إليها، وفيها مسجد جامع، وهي مدينة منصورة، يقال إن داود وسليمان، عليه السلام، دعوا لها ولأهلها بالنصر فهي ممتنعة أبدا عمن يرومها، ويقال إن طالوت كان منها وبها استنصر بنو إسرائيل، وذلك أن جالوت خرج من المشرق وداود من المغرب وأيده الله عليه، وهذه المدينة بناها دارا بن دارا ولم يظفر الإسكندر بها ولا دخل أهلها في الاسلام إلا بعد اليأس منهم، والمتغلبون عليها من أهلها إلى اليوم يقولون إنهم من ولد طالوت، وأعمالها متصلة بخانقين وبكرخ جدان، مخصوصة بالعنب السونايا وقلة رمد العين والجدري، ومنها إلى خانقين يعترض نهر تامرا، هذا آخر كلام مسعر، وليس الآن على ما ذكر وإنما نذكر هذا ليعرف تقلب الزمان بأهله وما يصنع الحدثان في إدارة حوادثه ونقله، فإن هذه البلاد اليوم في طاعة مظفر الدين كوكبري ابن علي كوجك صاحب إربل على أحسن طاعة إلا أن الأكراد في جبال تلك النواحي على عادتهم في إخافة أبناء السبيل وأخذ الأموال والسرقة ولا ينهاهم عن ذلك زجر ولا يصدهم عنه قتل ولا أسر، وهي طبيعة للأكراد معلومة وسجية جباههم بها موسومة، وفي ملح الاخبار التي تكسع بالاستغفار: أن بعض المتطرفين قرأ قوله تعالى: الأكراد أشد كفرا ونفاقا، فقيل له: إن الآية الاعراب أشد كفرا ونفاقا، فقال: إن الله عز وجل لم يسافر إلى شهرزور فينظر إلى ما هنا لك من البلايا المخبآت في الزوايا، وأنا أستغفر الله العظيم من ذلك، وقد خرج من هذه الناحية من الاجلة والكبراء والأئمة والعلماء وأعيان القضاة والفقهاء ما يفوت الحصر عده ويعجز عن إحصائه النفس ومده، وحسبك بالقضاة بني الشهرزوري جلالة قدر وعظم بيت وفخامة فعل، وذكر الذين ما علمت أن في الاسلام كله ولي من القضاة أكثر من عدتهم من بيتهم، وبنو عصرون أيضا قضاة بالشام وأعيان من فرق بين الحلال والحرام منهم وكثير غيرهم جدا من الفقهاء الشافعية، والمدارس منهم مملوءة، أخبرني الشيخ أبو محمد عبد العزيز بن الأخضر كتابة قال: سمعت أبا بكر المبارك بن الحسن الشهرزوري المقري يقول: كنت أقرأ على أبي محمد جعفر بن أحمد السراج وأسمع منه فضاق صدري منه لامر فانقطعت عنه ثم ندمت وذكرت ما يفوتني بانقطاعي عنه من الفوائد فقصدت مسجد المعلق المحاذي لباب النوبي فلما وفع بصره علي رحب بي وأنشد لنفسه:
وعدت بأن تزوري بعد شهر، فزوري قد تقضى الشهر زوري وموعد بيننا نهر المعلى إلى البلد المسمى شهرزوري فأشهر صدك المحتوم حق، ولكن شهر وصلك شهر زور شهرستان: بفتح أوله، وسكون ثانيه، وبعد الراء سين مهملة، وتاء مثناة من فوقها، وآخره نون، في عدة مواضع، منها: شهرستان بأرض فارس، وربما سموها شرستان تخفيفا وهم يريدون بالاستان الناحية والشهر المدينة كأنها مدينة الناحية، قال البشاري: هي قصبة سابور وقد كانت عامرة آهلة طيبة، واليوم قد اختلت وخرب أطرافها إلا أنها كثيرة الخيرات ومعدن الخصائص والأضداد ويجتمع بها الأترج والقصب والزيتون والعنب، وأسعارهم رخيصة، وبها بساتين كثيرة وعيون غزيرة ومساجد