على جنوبي وادى الصغد مرتفعة عليه، قال أبو عون:
سمرقند في الاقليم الرابع، طولها تسع وثمانون درجة ونصف، وعرضها ست وثلاثون درجة ونصف، وقال الأزهري: بناها شمر أبو كرب فسميت شمر كنت فأعربت فقيل سمرقند، هكذا تلفظ به العرب في كلامها وأشعارها، وقال يزيد بن مفرغ يمدح سعيد بن عثمان وكان قد فتحها:
لهفي على الامر الذي كانت عواقبه الندامة تركي سعيدا ذا الندى، والبيت ترفعه الدعامه فتحت سمرقند له، وبنى بعرصتها خيامه وتبعت عبد بنى علا ج، تلك أشراط القيامة وبالبطيحة من أرض كسكر قرية تسمى سمرقند أيضا، ذكره المفجع في كتاب المنقذ من الايمان في أخبار ملوك اليمن قال: لما مات ناشر ينعم الملك قام بالملك من بعده شمر بن افريقيس بن أبرهة فجمع جنوده وسار في خمسمائة ألف رجل حتى ورد العراق فأعطاه يشتاسف الطاعة وعلم أن لا طاقة له به لكثرة نوده وشدة صولته، فسار من العراق لا يصده صاد إلى بلاد الصين فلما صار بالصغد اجتمع أهل تلك البلاد وتحصنوا منه بمدينة سمرقند فأحاط بمن فيها من كل وجه حتى استنزلهم بغير أمان فقتل منهم مقتلة عظيمة وأمر بالمدينة فهدمت فسميت شمركند، أي شمر هدمها، فعربتها العرب فقالت سمرقند، وقد ذكر ذلك دعبل الخزاعي في قصيدته التي يفتخر فيها ويرد بها على الكميت ويذكر التبابعة:
وهم كتبوا الكتاب بباب مرو، وباب الصين كانوا الكاتبينا وهم سموا قديما سمرقندا، وهم غرسوا هناك التبتينا فسار شمر وهو يريد الصين فمات هو وأصحابه عطشا ولم يرجع منهم مخبر، فبقيت سمرقند خرابا إلى أن ملك تبع الأقرن بن أبي مالك بن ناشر ينعم فلم تكن له همة إلا الطلب بثأر جده شمر الذي هلك بأرض الصين فتجهز واستعد وسار في جنوده نحو العراق فخرج إليه بهمن بن اسفنديار وأعطاه الطاعة وحمل إليه الخراج حتى وصل إلى سمرقند فوجدها خرابا، فأمر بعمارتها وأقام عليها حتى ردها إلى أفضل ما كانت عليه، وسار حتى أتى بردا واسعة فبنى التبت كما ذكرنا، ثم قصد الصين فقتل وسبى وأحرق وعاد إلى اليمن في قصة طويلة، وقيل: إن سمرقند من بناء الإسكندر، واستدارة حائطها اثنا عشر فرسخا، وفيها بساتين ومزارع وأرحاء، ولها اثنا عشر بابا، من الباب إلى الباب فرسخ، وعلى أعلى السور آزاج وأبرجة للحرب، والأبواب الاثنا عشر من حديد، وبين كل بابن منزل للنواب، فإذا جزت المزارع صرت إلى الربض وفيه أبنية وأسواق، وفى ربضها من المزارع عشرة آلاف جريب، ولهذه المدينة، أعني الداخلة، أربعة أبواب، وساحتها ألفان وخمسمائة جريب، وفيها المسجد الجامع والقهندز وفيه مسكن السلطان، وفى هذه المدينة الداخلة نهر يجرى في رصاص، وهو نهر قد بنى عليه مسناة عالية من حجر يجرى عليه الماء إلى أن يدخل المدينة من باب كس، ووجه هذا النهر رصاص كله، وقد عمل في خندق المدينة مسناة وأجرى عليها، وهو نهر يجرى في وسط السوق بموضع يعرف بباب الطاق،