فكتب إليه عبد السلام: (من عبد السلام بن هاشم إلى محمد بن عبد الله: سلام على من اتبع الهدى، واجتنب الغي، وقام بالحق، فلا الهدى اتبعت، ولا الغي اجتنبت، ولا بالحق قمت.
أما بعد: فإن الله بحوله وقوته ورحمته وعونه سيد السادات، شديد النقمات، الذي توحد في ملكه، لم يدع أمة محمد في أهداف من الالتباس حتى يصلحهم، ويبعث فيهم من يتعاهد منهم ما ينبغي لهم تعاهده.
أتاني كتابك تعجب مما نقمت إذ حكمت، فلست بتاركك في عمياء مما أنت فيه، مع أنك إنما خدعت عن هذا نفسك، وقد علمت أني إنما أسفت وحكمت حين تركت الأمة تائهة مائجة، لا حدودها أقمت، ولا حقوقها أديت، واشتغلت بأمائك، وتنوقت في بنائك، مع ادمانك الصيد إذ تغدو معك البزاة والفهود والجنائب والكتائب، فإذا انثنيت من صيدك، ودخلت بهوك، واتبعك إخوانك فتغديت وغنيت، فسبحان الله ما أفحش هذا ممن يدعي خلافة الله.
قد كانت الأعاجم تنقم مما دون هذا، ثم أنت إذا خطبت كذبت، وإذا عاهدت نكثت، وقد زعمت في كتابك أنك ستغزيني أجنادا مطيعة، وقوادا منيعة، فالله يفض جمعك ويهزم جندك ويقتل قوادك، فإذا شئت فنحن متوقعو هذا منك ومتمنوه وقد زادني غيظا [309 و] أنك تسميت المهدي. وأبعد من سماك.
فنعم المهدي أنت إذ بعت الناس بيعا، وأوسعت الناس غيا، خدعك يعقوب بن داود (1)، أخا آخيت، وخدنا صافيت، دعاك فأجبت، وخدعك فطاوعت، ففي أي دين يسعك وفي أي كتاب أصبت؟ إذ تعدو وظيفة، أو تهوى زيادة، أو تنقص مساحة، أو تصطفي إستان (2)، أو تبذخ في مركب، أو تنهمك في صيد، أو