وفي خلافة المهدي خرج عبد السلام بن هاشم اليشكري في سنة ستين ومائة في باجرما، فأتى نصيبين و عليها المنهال بن عمران بن قنان الكلابي أحد بني جعفر على خراجها، فبعث إليه بعشرين ألفا فلم يدخلها، فأتى رأس العين (1) فمنعته بنو تميم، فأخذ إلى آمد فلقيه عيسى بن موسى الخراساني، فانهزم أصحاب عبد السلام فقال: والله لأبدأن بكم لأنكم كفار تفرون من الزحف وليست لكم فئة، فتراجعوا فانهزم أصحاب عيسى وحمل عليه عبد السلام فعانقه فصرعه فقتله، فكتب المهدي إلى داود بن إسماعيل الربذي وهو في ألف بالجزيرة، وسار إليه براز (2) فأحاطوا بهم و رماهم الأتراك فقتلوهم.
قال أبو الحسن: كتب المهدي إلى عبد السلام: (إن الله اختص بالسعادة جنده، وأيد بالهدى حزبه، وأسكن من أجاب جنته، وأسبغ على من خشيه نعمته، وأهدف من عصاه نقمته، إني قد عجبت من أحداثك وبغيك حيث أسألك [308 ظ] ما نقمت إذ حكمت بكلمة حق تريد بها ما الله مخزيك به وسائلك عنه مع مناوأتك خليفته، ونزعك يدك من طاعته وشتمك أبا الحسن علي بن أبي طالب ووقوعك فيه، وتنقصك إياه، وولايتك من عاداه، فالله عصيت، ونبيه عاديت، فقد أتاك يقين راض وحديث صادق عن النبي صلى الله عليه وسلم وقوله: من كنت مولاه فعلي مولاه فكنت المكذب بذلك، والحائد عنه حيث انقطعت مدتك واستعنت بشيعتك، وتماديت في غيك، فأقسم لأغزينك أجنادا مطيعة، وقوادا منيعة، هم الذين يفضون جمعك، ويهتكون بناءك، فاعمل لنفسك أو دع).