للقتال، فلم يلبث أهل الشام أن انهزموا وعبروا الخنادق فدخلوا الكوفة، ثم رجعوا من ساعتهم، وذلك يوم الخميس فرجعوا إلى مواقفهم وحمل بعضهم عليهم، فقتل عاصم بن عمر بن عبد العزيز وجعفر بن العباس وانهزم أهل الشام، ثم غدا ابن عمر يوم الجمعة، وحضض الناس، ووجه الأصبغ بن ذؤالة في عشرة آلاف، فأخذ المحجة كأنه يريد الشام، والضحاك ومن معه وقوف، وهو يريد أن يخالفهم إلى عسكرهم، وقد كان بلغهم فخلفوا شيبان في العسكر، فانطلق الأصبغ ومن معه حتى إذا كانوا بإزاء الضحاك حمل الضحاك على ابن عمر وعليهم فلم يلو أحد منهم على صاحبه،، فلما جنهم الليل خرج أهل أهل الشام من الكوفة متوجهين في كل وجه، فلم [257 و] يبق فيها منهم أحد فأصبح ابن عمر فخرج متوجها إلى واسط، فنادى منادي الضحاك ألا تتبعوا موليا ولا تجرحوا أحدا وقد أجلناكم يا أهل الشام ثلاثا، فمن دخل فيما دخلنا فيه فله ما لنا، ومن أحب أن يتوجه حيث شاء من الأرض فليتوجه آمنا، فمن أتاهم ألحقوه بهم، ومن شخص لم يعرضوا له، وبعث حبناء بن عصمة إلى قصر الكوفة، فباع الفئ وأصاب خزائن كثيرة وسلاحا وأموالا. فلما كان أول يوم من شهر رمضان سار الضحاك إلى واسط، فاستخلف على الكوفة ملحان، وسار الضحاك حتى نزل على ابن عمر بواسط فقاتله، وفارس أهل الشام والقائم بتلك الحرب منصور بن جمهور، فقتل جحشنة ابن أخي منصور في تلك الحرب، وحمل منصور على عكرمة فقتله.
قال إسماعيل بن إسحاق: وحدثني الوليد بن سعيد قال: خرج منصور يوما فحمل على عبد الملك بن علقمة، فطعنه فأنفذ الرمح من ظهره، فتقوضت صفوف الضحاك وانصرفوا جزعا عليه. يقال: كان القتال ستة أشهر ويقال: سنة حتى صالحه ابن عمر، فأرسل ابن عمر إلى الضحاك على أن يعطيه الرضى ويقره على عمله.
قال إسماعيل: فحدثني عون بن يزيد الباهلي قال: إني بواسط إذ رأيت عبد الله بن عمر أتى الضحاك فأعطاه الرضى، وفي ذلك يقول شبيل بن عزرة الضبعي:
أ لم تر أن الله أظهر دينه * * وصلت قريش خلف بكر بن وائل