في ولاية يزيد بن الوليد فأكرمهم وحملهم وأجرى عليهم كل يوم ثلاث مائة درهم، فلما مات يزيد وبايع إبراهيم بن الوليد مروان ثار ناس من الشيعة فدعوا إلى بيعة ابن معاوية، وكان الذي فعل ذلك هلال بن الورد مولى بني عجل، وأتواه به وأدخلوه القصر وبايعه أهل الكوفة وإسماعيل بن عبد الله ومن كان من أهل الشام بالكوفة ودخل فأقام أياما يبايعه الناس، وأتته بيعته من المدائن ومن كل وجه، وخرج يوم الأربعاء يريد ابن عمر، فلم يكن بينهم قتال، ثم أصبح الناس غادين إلى القتال، فقتل مكبر بن الحواري في ناس كثير من أهل اليمن مع ابن معاوية وانهزم فدخل القصر، وبقيت الزيدية فقاتلوا قتالا شديدا [255 و] وألزموا أفواه السكك حتى أخذ لعبد الله بن معاوية وأخويه أن يأخذوا حيث شاؤوا من البلاد ولا يتبعوا، وأرسل ابن عمر إلى عمر بن الغضبان بن القنعثراء يأمره بنزول القصر وإخراج ابن معاوية، فأرسل إليه عمر بن الغضبان فرحله ومن معه من شيعته ومن تبعه من أهل المدائن وأهل السواد وأهل الكوفة. فسارت بهم رسل عمر حتى أخرجوهم من الجسر، ونزل عمر القصر، ثم بعث ابن عمر إسماعيل بن عبد الله أميرا.
وفي هذه السنة وهي سنة سبع وعشرين ومائة مات سعيد بن بحدل الخارجي.
فحدثني إسماعيل بن إبراهيم أن سعيد بن بحدل لما حضرته الوفاة بشهرزور اجتمع إليه قواده، فدعاهم أن يستخلف عليهم رجلا منهم فجعلوا ذلك إليه، فقال لنا: اختاروا منكم عشرة فأخرج منهم عشرة، ثم صيرهم إلى أربعة ثم قال للأربعة: اختاروا فاختاروا الضحاك بن قيس المحلمي وشيبان بن عبد العزيز اليشكري، فقال لهما سعيد: اختارا للمسلمين ولأنفسكما، فقال شيبان: فإني أختار لنفسي وللعامة الضحاك. وقال الضحاك: أختار لنفسي وللعامة شيبان. فأبى شيبان إلا الضحاك ورضي بذلك أصحابهما، فبايعوا الضحاك فقال الضحاك بيتا:
لأوردن رجالا إن ملكتهم * * طعنا يثج كأفواه المثاعيب