قال إسماعيل: فحدثني عبد الله بن واقد قال: حدثني يزيد بن أبي فروة مولى بني أمية قال: لما أتي يزيد بن الوليد برأس الوليد بن يزيد قال: أنصبه للناس؟ فقلت: لا تفعل إنما ينصب رأس الخارجي، فحلف لينصبنه ولا ينصبه أحد غيري، فوضع على رمح ونصبه على درج مسجد دمشق ثم قال: اذهب فطف به في [247 و] مدينة دمشق.
حدثني الوليد بن هشام عن أبيه قال: لما أحاطوا بالوليد أخذ المصحف وقال: أقتل كما قتل ابن عمي عثمان.
فحدثني إسماعيل بن إبراهيم قال: حدثني أبي إبراهيم بن إسحاق: أن يزيد بن الوليد قام خطيبا فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: (أما بعد: أيها الناس إني والله ما خرجت أشرا، ولا بطرا، ولا حرصا على الدنيا، ولا رغبة في الملك، وما بي إطراء نفسي، ولا تزكية عملي، وإني لظلوم لنفسي إن لم يرحمني ربي، ولكني خرجت غضبا لله ودينه، وداعيا إلى كتابه وسنة نبيه حين درست معالم الهدى، وطفئ نور أهل التقوى، وظهر الجبار العنيد، المستحل الحرمة، والراكب البدعة، والمغير السنة، فلما رأيت ذلك أشفقت إذ غشيتكم ظلمة لا تقلع عنكم على كثرة من ذنوبكم، وقسوة من قلوبكم وأشفقت أن يدعو كثيرا من الناس إلى ما هو عليه، فيجيبه من أجابه منكم، فاستخرت الله في أمري، وسألته ألا يكلني إلى نفسي، ودعوت إلى ذلك من أجابني من أهلي وأهل ولايتي، وهو ابن عمي في نسبي وكفئي في حسبي، فأراح الله منه العباد، وطهر منه البلاد، ولاية من الله وعونا بلا حول منا ولا قوة، ولكن بحول الله وقوته وولايته وعونه.
أيها الناس: إن لكم عندي إن وليت أموركم ألا أضع لبنة على لبنة، ولا حجرا على حجر، ولا أنقل مالا من بلد إلى بلد حتى أسد ثغرة، وأقسم بين مسالحه ما يقوون به، فإن فضل فضل رددته إلى البلد الذي يليه وهو أحوج إليه حتى تستقيم المعيشة بين المسلمين وتكونوا فيه (1) سواء. ولا أجمر بعوثكم فتفتتنوا ويفتتن أهاليكم، فإن أردتم بيعتي على الذي بذلت لكم فأنا لكم به، وإن حلت فلا بيعة