إن الموالي أمست وهي عاتبة، * * على الموالي تشكى الجوع والحربا ماذا علينا وما ذا كان يرزؤنا * * أي الملوك على ما خولوا غلبا نعاهد الله عهدا لا نخيس به * * لا نسأل الدهر شورى بعد ما ذهبا وإنما كان ابن الزبير يدعو قبل ذلك إلى أن تكون شورى بين الأمة، فلما كان بعد ثلاثة أشهر من وفاة يزيد بن معاوية دعا إلى بيعة نفسه، فبويع له بالخلافة لتسع خلون من رجب سنة أربع وستين. وقد كان ابن زياد خطب الناس فنعى يزيد، وقال: اختاروا لأنفسكم. فقال الأحنف: نحن بك راضون حتى يجتمع الناس. فقال: ابن زياد: أغدوا على أعطياتكم، فوضع الديوان، وأعطى العطاء، فخرج سلمة بن ذؤيب الرياحي، فدعا إلى بيعة ابن الزبير بناحية المربد، فرفع ابن زياد العطاء، وشاور إخوته وأهل بيته في قتال من عصاه وخالفه، فأشاروا عليه بالكف عن ذلك فتنحى وصار إلى مسعود في جمادى الآخرة سنة أربع وستين، وأقام عنده أكثر من شهرين، وإنما صار إلى الدار في شعبان. ويقال: أقام ابن زياد عند مسعود أربعون يوما، ويقال: أقام عنده ثلاثة أشهر فانتهبت دار الإمارة، وجاء الأحنف فقال: لا يدخل دار ابن زياد أحد وأنا حي، فمنعها، وبعث إلى بيت المال والسجن والديوان [163 و] واجتمع أهل البصرة ليؤمروا عليهم أميرا، فاجتمع رأيهم على عبد الله بن الحارث بن نوفل بن عبد المطلب، وأمه بنت أبي سفيان بن حرب بن أمية، فانطلق مالك بن مسمع وسويد بن منجوف إلى مسعود بن عمرو ليحالفوه ويردا ابن زياد إلى دار الإمارة، وقال ابن زياد لعباد بن زياد: أكد بينهم الحلف. فكتبوا كتابا بينهم، وختمه مسعود بخاتمه، وكتب لمالك بن مسمع كتابا وختمه بخاتمه، دفع الكتابين إلى ذراع أبي هارون بن ذراع النميري، فوضعوهما على يده، ثم قالوا لابن زياد: انطلق حتى نردك إلى دار الإمارة. فقال لهم ابن زياد: انطلقوا فمسعود عليكم، فإن ظفرتم رأيتم حينئذ رأيكم. فسار مسعود وأصحابه يريدون الدار، فدخل أصحاب مسعود المسجد، وقتلوا قصارا كان في رحبة المسجد، وبلغ الأحنف، فبعث حين علم بذلك إلى بني تميم فجاؤوا وجاء رجل من بني تميم إلى مسعود وهو واقف على بغلة في رحبة بني سليم فقتله، ورمت الأساورة بالنشاب فقتلوا في المسجد، وهرب
(١٩٨)