وبعث عاصم بن عمرو الأسيدي إلى نهر جوبر وعروة بن زيد الخيل إلى الزوابي (1) فصالحوه على صلح باروسما.
فلما رجعت المرازبة إلى يزدجرد منهزمين شتمهم وأقصاهم ودعا بهمان بن خرهرمزان ذا الحاجب، وعقد له على اثني عشر ألفا، ودفع إليه درفش كاربيان وكانوا يتيمنون بها، وأعطاه سلاحا كثيرا، وحمل معه من آلة الحرب أوقارا، [55 و] ودفع إليه الفيل الأبيض.
وبلغ أبا عبيد مسيرهم، فعبر الفرات وقطع الجسر، وأقبل ذو الحاجب فنزل قس الناطف وبينه وبين أبي عبيد الفرات، فأرسل إلى أبي عبيد: إما أن تعبر إلينا، وإما أن نعبر إليك، فقال أبو عبيد: نعبر إليكم، فعقد له ابن صلوتا الجسر. وعبر فالتقوا في مضيق، وذلك في آخر شهر رمضان أو أول شوال سنة ثلاث عشرة، وقدم ذو الحاجب جالينوس معه الفيل الأبيض ودرفش كابيان (2)، فاقتتلوا قتالا شديدا، وضرب أبو عبيد مشفر الفيل، وضرب أبو محجن عرقوبه.
وقتل أبو عبيد رحمه الله، وقد كان أبو عبيد قال: إن قتلت فعليكم الجبر ابن أبي عبيد، فإن قتل فعليكم أبو الجبر بن أبي عبيد، فإن قتل فعليكم حبيب بن أبي ربيعة بن عمرو بن عمير، فإن قتل فعليكم أبو قيس بن حبيب بن ربيعة بن عمرو بن عمير، فإن قتل فعليكم عبد الله بن مسعود بن عمرو بن عمير وهو أخو أبي عبيد. ويقال: أول من جعل إليه الأمر عبد الله بن مسعود، فقتل جميع الأمراء، وأخذ المثنى بن حارثة الراية، واستحر القتل في المسلمين. فمضوا نحو الجسر، وحماهم المثنى بن حارثة وعروة بن زيد والكلح الضبي وعاصم بن عمرو الأسيدي وعمرو بن الصلت السلمي حتى انتهوا إلى الجسر وقد سبقهم إليه عبد الله بن يزيد الخطمي، ويقال عبد: الله بن يزيد الثقفي، فقطع الجسر، وقال: