متفضلا (1)، فسلمت فرد علي ونسبني فعرفني، فجاء رجل فقال: إن المهلب قد أخرج كتائبه من الخندق، فرفع رأسه فنظر إلى الشمس فقال: ما هذه ساعة قتال، ثم جاء آخر فقال مثل ذلك، ثم جاء آخر، فقال لرجل: قم على هذا الجذم فانظر، فقال: أرى الكتائب [184 ظ] تخرج، وقد نهض العسكران.
فقال: أخرج فرسي وسلاحي. فلبس سلاحه، فنظرت إلى ذراعه كأنها ذراع أسد، ثم قعد على كرسي، وتحدرت الفرسان فكان أول من أتاه أبو العلج وابنه مولى بني تيم، تيم قريش، ثم جاء مجاهد بن بلعاء العنبري وجاء جهضم بن عباد بن حصين، ثم تحادرت فرسان بني تيم حتى عددت ستين، فركب، واتبعتهم أنظر ما يصنعون، فأتى صف الأزد فحضضهم وذكر فعالهم وذم أهل الشام، وقال لأصحابه: احملوا، فخرقوا الصف، فعل ذلك مرارا، ثم لم يزل يفعله حتى أمسى، فرجعت إلى منزلي، وذلك يوم الأربعاء في آخر المحرم، وكنت أسمع أصواتهم هبة (2) من الليل، ثم خفيت الأصوات وتحاجزوا. ثم أصبحوا يوم الخميس فاقتتلوا قتالا شديدا، وصبر الفريقان حتى حجز الليل بينهم، ثم التقوا يوم الثالث بعد زوال الشمس فاقتتلوا طعنا وضربا، فأمر الحجاج عبد الرحمن بن مسلم أن يأخذ المسناة حتى يأتي البصرة، وبلغ ذلك أهل العراق، فعارضهم الحريش، فالتقوا عند الجسر، وقتل من أصحاب الحريش ثلاثون رجلا، وأقبل أبو بكر بن الحنتف بن السجف (3)، وضرب رجل من أهل الشام الحريش على رأسه فحمل إلى البصرة، وقالوا: قتل الحريش وصبر الفريقان، فقتل عبد الرحمن بن عوسجة صاحب ميمنة ابن الأشعث وعبد الله بن رزام، وزياد بن مقاتل، وطفيل بن عامر كلهم من أصحاب ابن الأشعث، وحمل