صفوفهم، لما حققته هذه الثروة الفكرية من انتصارات ضخمة في شتى حقول الدراسات الإسلامية الجديدة التي تناولتها.
وبعد أن أكمل شيخنا الوالد طبع الجزء الحادي عشر من موسوعته الأثرية، وقد طاولت زهاء نصف قرن منذ ابتدائه في تأليف الكتاب وحتى صدور هذا الجزء، وانتهى البحث فيه بذكر جمع من شعراء القرن الثاني عشر الهجري ممن نضموا هذه الإثارة التأريخية في قصائدهم، انقطع عرى البحث وذلك لكثرة ما تحويه قصائد بقية شعراء ذلك القرن، والذي يليه، والذي بعده من مناقب العترة الطاهرة صلوات الله عليهم، الصادرة فيهم من لدن صاحب الرسالة الكبرى الصادق الأمين صلوات الله عليه، وللرابطة الوثيقة بين تلكم الأحاديث والتأريخ الإسلامي في كل جوانبه من جهة، ولصلتها الوثيقة بالخلافة الإسلامية من جهة أخرى، ولأهميتها الكبرى في الملأ الإسلامي، رأى شيخنا الوالد أن من الضروري إفراد دراسة ضافية حول اسناد تلكم المناقب والمآثر المبثوثة في غضون كتب التفسير، والحديث، والسير، والمعتقدات.
ولم يرقه - قدس الله روحه الزكية - الركون والاعتماد على ما نقل عن الأصول المخطوطة من تراث السلف، بل أخذ على نفسه الوقوف على تلك المصادر ذاتها، قطعا للعذر، وابطالا للتشكيك.
ومثل هذا العمل يعد خطوة لا تنوء به إلا العصبة أولو القوة، فالمصادر تلك قد شتتها الأحداث التأريخية المتعاقبة، وجعلتها أيدي سبأ موزعة في المكتبات العامة والخاصة في مختلف أرجاء المعمورة. إلا أن هذا لم يصد شيخنا الوالد عن تنفيذ خطته، ولم يصبه كلل في عزمه وإرادته.
فشد ساعد الجد للترحال إلى أقصى البقاع والأمكنة، للوقوف على مصادر بحثه، والتزود من يانع فيض تراثنا الفكري الإسلامي الغابر.