سنة، وكان (رحمه الله) يقضي الساعات الطوال في مكتبته الخاصة في داره بين الكتب التي يملكها أو يستعيرها، وكان يوصي زوجته وأطفاله أن لا ينتظروه على الطعام، وكنا كثيرا ما نضع طعامه على الموقد بغية أن يتناوله متى ما فرغ من بحثه وتحقيقه، ولما نستيقظ صباحا نجد الطعام على حاله كما وضعناه، وربما احترق بعضه، حتى أثر ذلك في جسمه وابتلي في أواخر عمره بسرطان في الفقرات، هذا ما أكده الطبيب المعالج له في طهران، قال: إن ذلك ناشئ من كثرة الانحناء والعكوف على القراءة.
ومن أهداف العلامة الأميني وأمانيه أنه كان يسعى من خلال عمله أن يجعل العالم الإسلامي علويا ومدرسة لمبادئ أمير المؤمنين (عليه السلام)، من خلال ما كتب وخطب وبلغ.
ولقد أوصاني والدي (رحمه الله) بأمرين في مجال التحقيق والتأليف، حيث قال:
أوصيك بأمرين: الأمر الأول: يجب أن تترك كثيرا من الروابط الاجتماعية، وإلا فإنك لا تجد الوقت الكافي للكتابة والتأليف.
والثاني: أن ترعى الأمانة في التأليف. فكل ما تنقله يجب أن يكون نص ما هو مكتوب، فإذا كان المكتوب: (علي كرم الله وجهه) وجب نقله كما هو وإياك والتصرف والتصحيف في التأريخ والمصادر، ويجب أن تعد نفسك - من أجل أن تبلغ هدفك بالتأليف - للمشاكل الحياتية من جوع وحرمان وتحمل، وصبر، وإلا فبعكسها لا تبلغ هدفك.
سؤال: هل سافر المرحوم العلامة إلى الخارج للمطالعة والتحقيق؟
وما هي الدول والأقطار التي سافر إليها؟
الجواب: لقد أثار تأليف شيخنا الوالد لكتاب " الغدير " حقد وبغض كثير من مرضى القلوب، وقد كانت عدة محاولات لاغتياله، ولما شعر بذلك الخطر المحدق به، التزم الحذر وقلل سفره إلا للضرورة القصوى، ولم يكن مستعدا لأن تؤخذ له صور، خوفا من أن تقع بيد الأعداء فيعرفوه، ولم تكن كتابته تحمل إلا اسمه من دون أي صفة تميزه.