تعني وقوف المسلمين صفا واحدا بوجه تخرصات الأعداء وهجماتهم ضد الإسلام والمسلمين رغم ما بينهم من الاختلافات في المسائل الفقهية والدينية.
فإن بين عامة المسلمين مشتركات كثيرة في الاعتقاد بالله الواحد وبنبوة الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله وسلم) وبالقرآن، والقبلة، والصلاة، والصوم، والحج، والنكاح، والمعاملات، وطريقة التربية للأطفال، وليس بينهم إلا اختلافات جزئية لا تكاد تذكر فللمسلمين رصيد قوي من نقاط الالتقاء والاتفاق ولا حاجة بهم لتحقيق الوحدة إلى التنازل عن اختلافاتهم في الفروع، وبحوثهم الفقهية وغيرها.
وإنما المهم عدم تعرض بعضهم إلى جرح إحساسات أهل الفرق الآخرين بالسب والشتم والتقريع، واتهامهم والافتراء عليهم بالكذب وغيرها أو السخرية ببعضهم البعض وبعبارة واحدة الالتزام بقوله تعالى: * (ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن) * (1).
وإن اختلاف الشيعة مع السنة في أصول الدين وإن كان أكبر من الاختلاف الذي بين مذاهب أهل السنة أنفسهم لكنه لا يكون من باب (الأقل أو الأكثر الارتباطيين) بحسب تعبير الأصولين، بل من باب (الميسور لا يسقط بالمعسور)، و (ما لا يدرك كلة لا يترك كله)، فإن في علي (عليه السلام) لنا أسوة وقدوة، حيث ترك الثورة لا عن اضطرار، إذ غاية الأمر أن يقتل في سبيل الله، وقد كان " بالموت آنس من الطفل بمحالب أمه "، وإنما تركها اختيارا لمصلحة الإسلام، بل قد أعان وساهم حيث قال في رسالته إلى مالك الأشتر: " فأمسكت يدي حتى رأيت راجعة الناس قد رجعت عن الإسلام يدعون إلى محق دين محمد (صلى الله عليه وآله وسلم)، فخشيت إن لم أنصر الإسلام وأهله أن أرى فيه ثلما أو هدما تكون المصيبة به علي أعظم من فوت ولايتكم التي إنما هي متاع أيام قلائل " (2).
وقال شاكيا وموضحا استعداده للإعانة بعد أن تم تعيين عثمان بن عفان