أقول: إن أمثال الاختلاطات التي ذكرها الشيخ أبو علي كثيرة واقعة في غالب الكتب، والظاهر أن منشأه في الغالب سوء الخط من المصنف واشتباه النساخ في فهم الألفاظ خصوصا الكتب المرموزة، فاللازم على المستنسخين مراعاة صفات الناسخ من حيث علمه بالعربية واطلاعه على الرموز، وتحصيل نسخة صحيحة لأجل الاستنساخ والسؤال عند الاشتباه، خصوصا في مثل كتب الرجال. فإنها أقرب للاشتباه والاختلاط.
ومنهم: الحسن بن علي بن فضال يكنى أبا محمد بن عمرو بن أيمن مولى تيم الله.
قال " كش ": عن " فش " كنت في قطيعة الربيع في مسجد الزيتونة أقرأ على مقرئ يقال له إسماعيل بن عباد، فرأيت قوما يتناجون، فقال أحدهم: بالجبل رجل يقال له: ابن فضال أعبد من رأينا وسمعنا به.
قال: فإنه يخرج إلى الصحراء فيسجد السجدة فيجئ الطير فتقع عليه، فما يظن الا أنه ثوب أو خرقه، وأن الوحش لترعى حوله فما تنفر منه لما قد آنست به، وان عسكر الصعاليك ليجيؤون يريدون الغارة أو قتال قوم، فإذا رأوا شخصه طاروا في الدنيا فذهبوا.
قال أبو محمد: فظننت أن هذا رجل كان في الزمان الأول، فبينا أنا بعد ذلك بيسير قاعد في قطيعة الربيع مع أبي رحمه الله إذ جاء شيخ حلو الوجه حسن الشمائل، على قميص برسي ورداء برسي، وفي رجله نعل مخصر، فسلم على أبي، فقام إليه أبي فرحب به وبجله.
فلما أن مضى يريد ابن أبي عمير قلت: من هذا الشيخ؟ قال: هذا الحسن بن علي بن فضال. قلت: هذا ذاك العابد الفاضل؟ قال: هو ذاك. قلت: ليس هو ذاك، ذاك بالجبل، قال: هو ذاك كان يكون بالجبل قلت: ليس ذاك، قال: ما أقل عقلك من غلام، فأخبرته بما سمعت من القوم فيه، قال: هو ذاك.
فكان يختلف بعد ذلك إلى أبي، ثم خرجت إليه بعد ذلك إلى الكوفة، فسمعت