غايته، ومخالطته ومعاشرته معه واشتغاله عليه مدة، المشير إلى كونه مفيدا لجماعة ومرجعا لهم وكثرة الاستناد إليه بل ومن غيره، ولم يشر إلى عقيدته، أو حزازة في رأي، وهذا كله يكذب الحكاية. على أنا نقول: إن التوثيق ثابت معلوم، والحكاية عن حال غير معلومة، فلم يثبت بذلك جرح.
وعن المعراج حكى في " صه " عن الشيخ أنه كان يذهب إلى مذاهب الوعيدية، وهو وشيخه المفيد إلى أنه تعالى لا يقدر على غير مقدور العبد، كما هو مذهب الجبائي، والسيد المرتضى إلى مذهب البهشمية من أن ارادته تعالى عرض لا في محال.
والشيخ الجليل أبو إسحاق إبراهيم بن نوبخت إلى جواز اللذة العقلية عليه سبحانه، وأن ماهيته تعالى معلومة كوجوده، وأن ماهية الوجود المعلوم، وأن المخالفين يخرجون من النار ولا يدخلون الجنة.
والصدوق وشيخه ابن الوليد والطبرسي في مجمع البيان إلى جواز السهو على النبي صلى الله عليه وآله. ومحمد بن أبي عبد الله الأسدي إلى الجبر والتشبية. وغير ذلك مما يطول تعداده، والحكم بعدم عدالة هؤلاء لا يلتزمه أحد يؤمن بالله.
والذي ظهر لي من كلمات أصحابنا المتقدمين وسيرة أساطين المحدثين أن المخالفة في غير الأصول الخمسة لا توجب الفسق، الا أن يستلزم انكار ضروري الدين، كالتجسم بالحقيقة لا بالتسمية، والقول بالرؤية بالانطباع والانعكاس، وأما القول لا معها فلا، لأنه لا يبعد حمله على إرادة اليقين التام وشدة الانكشاف العلمي، وأما تجويز السهو عليه واللذة العقلية عليه تعالى مع تفسيرها بادراك الكمال من حيث أنه كمال، فلا يوجب فسقا. وأما الجبر والتشبية، فالبحث في ذلك عريض أفردنا له رسالة، هكذا ذكره بعض الأفاخم.
وعن " طس " والخواجة نصير الدين وابن فهد والشهيد والبهائي وغيرهم من الأجلة نسبته إلى التصوف، ولا يخفى أن ضرر التصوف انما هو فساد الاعتقاد من القول بالحلول، أو الوحدة في الوجود، أو فساد الأعمال، كالأعمال المخالفة للشرع التي يرتكبها كثير من المتصوفة في مقام الرياضة أو العبادة، وغير خفي على المطلعين