بصير ليث بن البختري المرادي، ومحمد بن مسلم، وزرارة، أربعة نجباء أمناء الله على حلاله وحرامه، لولا هؤلاء انقطعت أثار النبوة واندرست.
وفيه عنه، عن محمد بن عيسى، عن ابن أبي عمير، عن جميل وغيره قال:
وجه زرارة عبيد الله إلى المدينة يستخبر له خبر أبي الحسن عليه السلام وعبد الله بن أبي عبد الله، فمات قبل أن يرجع إليه عبيد الله.
وقال محمد بن أبي عمير: حدثني محمد بن حكيم قال: قلت لأبي الحسن الأول عليه السلام وذكرت له زرارة وتوجيهه ابنه عبيد الله إلى المدينة. فقال أبو الحسن عليه السلام: اني لأرجو أن يكون زرارة ما قال الله تعالى (ومن يخرج من بيته مهاجرا إلى الله ورسوله ثم يدركه الموت فقد وقع أجره على الله). إلى غير ذلك مما لا يخفى كثرة (1).
وأما ما يخالفها مما يدل أو يشعر على الذم، فلوضوح جلالته وعلو مرتبته وسمو حاله بالضرورة، فلا مجال إلى ذكره لما فيه تضييع الوقت وتسويد القرطاس وابداء الشك والالتباس. وضعف سنده وعدم مقاومته للأخبار المادحة لوجوه شتى.
وعن رسالة أبي غالب: روي أن زرارة كان وسيما جسيما أبيض، فكان يخرج إلى الجمعة وعلى رأسه برنس أسود، وبين عينية سجادة، وفي يده عصاء، فيقوم له الناس سماطين ينظرون إليه لحسن هيئته، فربما رجع من طريقه، وكان خصما جدلا لا يقوم أحد بحجته، صاحب الزام وحجة قاطعة، الا أن العبادة أشغلته عن الكلام، والمتكلمون من الشيعة تلاميذه، ويقال: انه عاش تسعين سنة وكان رئيس التيمية (2) انتهى.
أقول: وقد مات سنة خمسين ومائة، وفي " كش " أن وفاة زرارة بعد وفاة أبي عبد الله عليه السلام بشهرين أو أقل (3). والظاهر أنه سهو لما مر أن وفاته عليه السلام