الفوائد الرجالية - السيد بحر العلوم - ج ٢ - الصفحة ٢١١
الحسن بن علي بن أبي عقيل أبو محمد العماني الحذاء (1) فقيه،
(١) الحسن بن علي بن أبي عقيل العماني الحذاء، من قدماء الأصحاب، ويعبر فقهاء الامامية عنه وعن ابن الجنيدمحمد بن أحمد (بالقديمين)، وهما من أهل المائة الرابعة وقد اختلف أرباب المعاجم الرجالية في كنيته: فالنجاشي في (رجاله) كناه أبا محمد، وكذلك ابن داود في (رجاله)والشيخ الطوسي في (فهرسته - في باب الأسماء -) كناه أبا على، وكذا في رجاله في باب من لم يرو عنهم - عليهم السلام - وهما من معاصريه وكذلك ابن شهرآشوب في (معالم العلماء) والشهيد الأول في (غاية المراد) شرح الارشاد في بحث ماه البئر كناه: أبا علي.
وفي (رياض العلماء): " إن اختلاف الكنية في كلامي الشيخ والنجاشي أمره سهل لاحتمال تعددها "، واحتمل سيدنا المحسن الأمين - رحمه الله - في (أعيان الشيعة) أن يكون هو الحسن بن علي أو الحسن بن عيسى بن علي، وحصل في عبارة الشيخ سبق قلم منه أو خطأ من النساخ فأبدل (ابن علي) بأبي علي - كما يقع كثيرا -.
كما اختلف في اسم أبيه: فجعل النجاشي في (رجاله) أباه عليا، وجعل الشيخ في (رجاله وفي فهرسته) أباه عيسى، وهما من معاصريه، ويمكن أن يكون أحدهما نسبه إلى الأب والاخر إلى الجد، والنسبة إلى الجد شائعة، ويمكن أن يكون هو الحسن بن عيسى بن علي أو الحسن بن علي بن عيسى، فنسبه أحدهما إلى الأب والاخر إلى الجد، وبذلك يرتفع التنافي بين جعله: ابن علي، وابن عيسى.
وفي (رياض العلماء): " الحق في نسبه ما قاله النجاشي من أن اسم أبيه (علي) لان النجاشي أبصر في علم الرجال حتى من الشيخ الطوسي، مع أن ابن شهرآشوب - مع عظم شأنه - قد وافق النجاشي فيه، والظاهر أن عيسى كان جده وكانت النسبة إليه من باب النسبة إلى الجد، ويحتمل - على بعد - أن يكون (عيسى) في كلام الشيخ تصحيف (علي) ".
ويظهر من (رياض العلماء) في موضع آخر احتمال أن يكون جده أبو عقيل اسمه عيسى، حيث قال: " الحسن بن أبي عقيل عيسى الحذاء العماني " ولكن الذي يقوى في الظن بأن أبا عقيل اسمه يحيى، لما ذكره سيدنا - قدس سره - في الأصل عن السمعاني في كتاب الأنساب: " أن المشهور بأبي عقيل جماعة، منهم: أبو عقيل يحيى بن المتوكل الحذاء المدني... " الخ.
وترجم لابن أبي عقيل الحسن صاحب (رياض العلماء) في موضعين متقاربين لكون كتابه المذكور كان باقيا في المسودة لم يبيضه، فقال في أولهما: " الشيخ أبو محمد الحسن بن علي بن أبي عقيل العماني الحذاء الفقيه الجليل، والمتكلم النبيل، شيخنا الأقدم المعروف بابن أبى عقيل، والمنقول أقواله في كتب علمائنا، هو من أجلة أصحابنا الامامية، مع أن (عمان) كلهم خوارج ونواصب، لكن الظاهر أنهم سكنوا بها بعد الثمانمائة، وجاؤا من بلاد المغرب وسكنوا بها، على ما ينقل من قصة قتل (أباضي) في بلاد المغرب في جوف بيته من غير قاتل، والحكاية مذكورة (في بحار الأنوار). وقال في ثانيهما: " الشيخ الجليل الأقدم أبو محمد - ويقال أبو علي - الحسن بن علي بن أبي عقيل عيسى الحذاء العماني الفقيه الجليل المتكلم النبيل المعروف بابن أبى عقيل العماني، كان من أكابر علمائنا الامامية والمنقول قوله في كتبهم الفقهية " وترجم له أيضا القاضي نور الله التستري في (مجالس المؤمنين: ج ١ ص ٤٢٧) طبع إيران سنة ١٣٧٥ ه فقال ما تعريبه: " الحسن بن أبي عقيل العماني، كان من أعيان الفقهاء وأكابر المتكلمين له مصنفات في الفقه والكلام، منها: كتاب المتمسك بحبل آل الرسول، وذلك الكتاب له اشتهار نام بين هذه الطائفة الامامية، وكان إذا وردت قافلة الحاج من خراسان يطلبون تلك النسخة ويستكتبونها أو يشترونها " وترجم له أيضا صاحب (أمل الامل) في ثلاثة مواضع: فقال في الأول:
" الحسن بن أبي عقيل العماني أبو محمد، عالم فاضل متكلم فقيه عظيم الشأن ثقة، وثقه العلامة والشيخ والنجاشي، ويأتي ابن علي وابن عيسى، وهو واحد ينسب إلى جده، له كتب ".
وقال في الموضع الثاني: " الحسن بن علي بن أبي عقيل العماني أبو محمد، هكذا قال النجاشي، وقال الشيخ الطوسي: الحسن بن عيسى بن أبي عقيل العماني، وهما عبارة عن شخص واحد، إلى آخر العبارة التي ذكرها العلامة في الخلاصة، ثم ذكر كلام النجاشي وابن داود.
وقال في الموضع الثالث: " الحسن بن عيسى أبو علي المعروف بابن أبي عقيل العماني، له كتب " ثم ذكر كلام الشيخ في الفهرست.
وترجم له أيضا المحقق الشيخ أسد التستري الكاظمي - رحمه الله - في مقدمة كتابه (المقابيس) عند ذكر ألقاب العلماء، قال: " ومنها العماني الفاضل الكامل العالم العامل، العلم المعظم الفقيه المتكلم المتبحر المقدم الشيخ النبيل الجليل أبي محمد، أو أبي علي الحسن بن أبي عقيل، جعل الله له في الجنة خير مستقر وأحسن مقيل وكان المفيد يكثر الثناء عليه وله كتب في الفقه وغيرها، منها: كتاب المتمسك بحبل آل الرسول، وهو كتاب كبير حسن مشهور في الفقه ".
وللمترجم له أقوال نادرة في المسائل الفقهية، يقول صاحب (رياض العلماء):
" من أغرب ما نقل عنه من الفتاوى: ما حكاه الشهيد في (الذكرى) في بحث القراءة في الصلاة: من أن من قرأ في صلاة السنن - في الركعة الأولى - ببعض السورة وقام في الركعة الأخرى ابتدأ من حيث قرأ ولم يقرأ بالفاتحة، وهو غريب، ولعله قاسه على صلاة الآيات ".
وحكى عنه الشهيد الأول في: غاية المراد شرح الارشاد - كتاب الطهارة - القول بعدم انفعال ماء البئر بمجرد الملاقاة، مع أن المعروف بين القدماء انفعاله بمجردها وطهره بنزح المقدر، وكأن هذا مبني على ما يأتي عنه: من عدم انفعال الماء القليل بمجرد الملاقاة، أو على أن ماء البئر ملحق بالنابع فلا ينجس بالملاقاة ولو قلنا بنجاسة القليل بها كما هو رأى المتأخرين، ومن المعروف عنه: أنه يقول بعدم انفعال الماء القليل بمجرد ملاقاة النجاسة، ونقله عنه متواتر.
ويقول القاضي نور الله التستري في (مجالس المؤمنين: ج ١ ص ٤٢٧)، ما تعريبه: " هو أول من قال من مجتهدي الامامية - موافقا لقول مالك من أئمة المذاهب الأربعة - بعدم نجاسة الماء القليل بمجرد ملاقاته النجاسة، ولا يخطر ببالي أن أحدا يوافقه من مجتهدي الامامية في هذه المسألة سوى السيد الاجل الحسيب، الفاضل النقيب، الأمير معز الدين محمد الصدر الأصفهاني، فإنه الف في ترويج مذهب ابن أبي عقيل رسالة مفردة ودفع الاعتراضات التي أوردها العلامة في (المختلف) وغيره على أدلة ابن أبي عقيل، وردها عنه، وأقام أدلة أخرى أيضا على تقوية قول ابن أبي عقيل ". (ثم قال التستري): " وهذا الضعيف - مؤلف هذا الكتاب - في أوان مطالعته لكتاب (المختلف) قرأت هذه الرسالة وتأملتها والفت رسالة في هذا المعنى ".
(وقال أيضا): وقد وافقه بعد عصر القاضي المذكور - في عصرنا هذا - المولى محمد محسن الكاشاني وبالغ في ذلك، واليه مال الأستاذ المحقق في شرح الدروس، وتحقيق الحق في هذه المسألة على ذمة بحث الطهارة من كتابنا الموسوم ب (وثيقة النجاة) ".
أما نسبة المترجم له (العماني) فهل هي نسبة إلى (عمان) بضم العين المهملة وتخفيف الميم بعدها الف ونون، أم إلى (عمان) بفتح العين المهملة وتشديد الميم؟
فقد اختلف فيه أرباب المعاجم:
يقول سيدنا الحجة المحسن الأمين - رحمه الله - في (أعيان الشيعة: ج 22 ص 193): " العماني نسبة إلى عمان بضم العين وتخفيف الميم بعدها الف ونون، قال السمعاني: هي من بلاد البحر أسفل البصرة، وفي معجم البلدان: اسم كورة عربية على ساحل بحر اليمن والهند في شرقي هجر، أما عمان بالفتح والتشديد فبلد بالشام معروف، وليس هو (أي المترجم له) منسوبا إليه ".
ثم أيد رأيه بما ذكره سيدنا - قدس سره - في الأصل، ثم قال: " وفي رياض العلماء: العماني بضم العين المهملة وتشديد الميم وبعدها الف لينة وفي آخرها نون نسبة إلى عمان، وهي ناحية معروفة يسكنها الخوارج في هذه الاعصار، بل قديما، وهي واقعة بين بلاد اليمن وفارس وكرمان (قال): وما أوردناه في ضبط العماني هو المشهور الدائر على ألسنة العلماء المزبور في كتب الفقهاء، ولكن ضبطه بعض الأفاضل بضم العين المهملة وتخفيف الميم ثم الف ونون، وهو غريب ".
ثم ذكر سيدنا الأمين المحسن - رحمه الله - معقبا لعبارة صاحب رياض العلماء بما لفظه: " بل الغريب خلافه مما ذكره، وشهرته على الألسن - إن صحت - فلا أصل لها، وأي عالم ضبطها في كتابه بالتشديد، وإن وجد فهر خطأ، واليها ينسب (أزد عمان) وورد ذلك في الشعر الفصيح، ولو شدد الميم لاختل الوزن ".
ولعل سيدنا الأمين - رحمه الله - يريد بالشعر الفصيح ما قاله القتال الكلابي - من أبيات - كما في معجم البلدان بمادة عمان -:
حلفت بحج من عمان تحللوا * ببئرين بالبطحاء ملقى رحالها وأما (الحذاء) الذي لقب به المترجم له، فقد قال سيدنا الأمين: " في انساب السمعاني (هذه النسبة إلى حذو النعل وعملها) والله أعلم لما نسب إلى ذلك ابن أبي عقيل، والسمعاني في الأنساب قال في رجل: إنه ما حذا قط ولا باعها ولكنه نزل في الحذائين فنسب إليهم، وفي آخر: إنه كان يجلس إلى الحذائين فاشتهر بالحذاء وكان مؤدب هارون الرشيد ".
وتجد ترجمة العماني - هذا - في أكثر المعاجم الرجالية، وقد ترجم له سيدنا الأمين - رحمه الله - في (أعيان الشيعة: ج 22 ص 192 - 202) ترجمة مبسوطة وقد نقلنا منه أكثر هذه الترجمة، فراجعه.
الحسين بن المختار القلانسي: من أصحاب الصادق والكاظم عليهما السلام كثير الرواية عنهما. درج أقوال الرجاليين القدماء في توثيقه، حتى الشيخ في (فهرسته) إلا أنه في (رجاله) رماه بالوقف وتبعه ابن شهرآشوب وابن داود والعلامة. واعترض البهائي على الشيخ في ذلك. وبالنتيجة: إثبات توثيقه بعدة مؤيدات