فكيف يغلب الأصل الواحد أصولا متعددة؟ لان كل جز يكون الأصل عدمه.
فإن قلت: ما تقول في جريانه في الموضع الذي ثبت - من إجماع أو غيره - دخول تلك الأجزاء في المعنى واعتبارها فيه فيكون النزاع في خصوص جز أو أزيد؟ مثلا بالاجماع ندري تسعة أجزأ فيه، والنزاع في جز واحد، وأن المعنى عشرة أو تسعة، فنقول: التسعة ثبتت بالاجماع، والواحد ينفيه الأصل، فيكون تسعة.
قلت: (الشئ ما لم يتشخص لم يوجد) بالبديهة، ومسلم ذلك عند الكل، فما لم يوجد يكن باقيا على العدم الأصلي ولم يثبت خلاف العدم فيه، فالمعنى ما لم يتعين لم يكن موضوعا له ولا مستعملا فيه بالبديهة، بل يكن باقيا على الحالة السابقة على الوضع والاستعمال.
فإن أردت أن المعنى تسعة أجزأ - أعم من أن يكون الجز العاشر جزا من ذلك المعنى، بحيث لو لم يكن لم يكن المعنى تاما، وأن لا يكون جزا أصلا، بل يكون خارجا عن المعنى، وتمام المعنى بتلك التسعة من الاجزاء - فغلط واضح وتناقض محال.
وإن أردت أن المعنى تسعة أجزأ بحيث لا يكون للعاشر مدخلية فيه أصلا، ولم يكن تمام المعنى به، بل بتلك التسعة، وإن كنا قبل ملاحظة الأصل نجوز الأول أيضا، إلا أنه ظهر لنا من الأصل أنه الثاني.
ففيه أنه كما كان قبل الوضع لم يكن العاشر معتبرا في معناه من جهة أنه لم يكن وضع أصلا، لكن بعد الوضع بقي العاشر على العدم الأصلي،