و (الشيخ) رحمه الله وإن أحدث ذلك، إلا أنه أحدثه لعذر اعتذر به، و هو ارتداد بعض من كان من الشيعة، من جهة ما زعم من التناقض بين كلماتهم عليهم السلام فرده بأن التناقض إنما يلزم إذا لم يحتمل التوجيه، ويحتمل أنه كان قرائن لو بقيت لما صار بين ظاهريهما تناف، وذهبت القرائن بسبب الحوادث، فشرع بالجمع، والآتيان بالشواهد مهما أمكن، ولم يجعل كل جمع ارتكبه مفتى به مذهبا له، و لذا يقول غالبا: يحتمل كذا ويحتمل كذا، ومجرد (يحتمل كذا) ليس فتوى بلا تأمل. نعم في بعض المواضع يظهر أنه فتواه وإن ادعى بعض أن فتوى (الشيخ) رحمه الله لا يظهر من كتابي الاخبار.
وبالجملة: أولا يرجح الحديث بالمرجحات التي تكون في أحدهما، و يجعله هو المفتي به، ثم يأتي بالمعارض الذي ليس بحجة، ويؤوله حتى يرجع إلى الذي هو حجة، ويوافقه، وإلا ففتواه بما هو راجح، كما أمر الأئمة عليهم السلام بذلك. وكثيرا ما لا يظهر المرجح، لما اعتذر به في أول (الاستبصار).
نعم في بعض المقامات يكون فتواه من الجمع مثل التخصيص و التقييد وأمثال ذلك، لما ستعرف من أنه هو الوجه.
وكان طريقة (الشيخ) مسلوكة إلى أمثال زماننا، فصاروا بمجرد الجمع - وأي جمع يكون - يفتون - كما أشرنا - بسبب أنسهم و ألفتهم بالتوجيه، حتى صار التوجيه والتأويل من جملة معاني أخبار خصوص الأئمة عليهم السلام مشاركا للمعاني الظاهرة المتبادرة، في الحجية ووجوب التمسك، بل وجعله