هذا القسم لذكر من يقبل روايته ويطلب من كان حاله ذلك عن هذا القسم.
وأنت ترى أن المصنفين يتعهدون في فاتحة تصنيفهم بأمور وقواعد يبتني عليها المباحث والأحكام، ثم في تضاعيف المباحث يؤول الأمر إلى ما يلزمهم الخروج عن قواعدهم ولا يتيسر لهم الخروج عن عهدة ما قرروه أولا، ومن ذلك قول الشيخ في عنوان الكتاب على ما في نقد الرجال:
فإني قد أجبت إلى ما تكرر سؤال الشيخ الفاضل فيه من جمع كتاب يشتمل على أسماء الرجال الذين رووا عن رسول الله وعن الأئمة (عليهم السلام) من بعده إلى زمان القائم (عليه السلام)، ثم أذكر بعد ذلك من تأخر زمانه عن الأئمة (عليهم السلام) من رواة الحديث أو من عاصرهم ولم يرو عنهم (1).
وخالف ذلك في مواضع كثيرة من ذلك عند ذكر القاسم بن عروة مرة في باب أصحاب الصادق (عليه السلام) ومرة في باب من " لم " (2)، ومحمد بن عيسى اليقطيني مرة في باب أصحاب الرضا (عليه السلام) ومرة في باب أصحاب الهادي (عليه السلام)، ومرة في باب أصحاب العسكري (عليه السلام) ومرة في باب من " لم " (3)، فمرادهم أن الأصل في وضع كتابهم ذلك وأنهم لا يخرجون عنه بغير ضرورة.
ونقول فيما نحن فيه: إن في رجال أصحابنا الثقات من أسند إليه الآراء الفاسدة صريحا كالغلو ونحوه، والنجاشي - ولا شك أنه أثبت من غيره - يكرر منه القول فيهم بأن رواياته لا تدل على ذلك، وفي كلام الشيخ في حق كثير: أنه ثقة واقفي، أو فطحي، أو نحو ذلك، والنجاشي وثقه بقول مطلق.
ومنهم من ليس فيه تعديل من أهل الرجال صريحا إلا أنه وجه من وجوه أصحابنا وعين من عيونهم.
ومنهم من فيه الاختلاف الشديد من أصحاب الرجال من جهة اختلاف الروايات واختلاف أقوال الرجال بحيث لا يتيسر الحكم بشيء.
ومنهم من وقع فيه رواية يشكل الأمر فيها من جهة الدلالة، وربما فهم بعضهم أنها تدل على تعديله، وعند آخرين أنها قاصرة عن ذلك، وربما يقوي الدلالة في وقت في بادي النظر ويضعف في وقت آخر كمحمد بن عيسى في ترجمة بكر بن محمد الأزدي وفي ترجمته، وغير ذلك من الأمور الواردة في محالها.
وطريق الخلاص في جميعها أن يراعى الأصل والقاعدة الموضوع عليها الكتاب مهما أمكن، ثم رعاية القريب إليها والمناسبة على بعض الوجوه، فيبحث عن حال الرجل في الباب اللائق بحاله، والاعتراض في أمثال ذلك وتكرره والمبالغة في ذلك بعيد عن تحقيق الحق وخارج عن مسلك السداد.
ويأتي النقل عن الشهيد الثاني في عمر بن حنظلة: (ولكن الأقوى عندي أنه ثقة لقول الصادق (عليه السلام) في