تصدير لا ريب أن الحديث والسنة هو المصدر الرئيسي الثاني لفهم الدين وتحصيل العلوم الإلهية بعد كتاب الله العزيز، وهو بيان للقرآن وتفسير لكلام الله سبحانه ومتمم للقوانين والحقائق الكامنة في القرآن المجيد، وله السهم الأوفر في التوصل إلى الينبوع الصافي للحقائق والمعارف الدينية، واستنباط الأحكام الشرعية؛ فلا بد لنا من الاهتمام بدراسة علم الحديث وما يتعلق به، حتى يمكننا الرجوع إلى السنة المطهرة.
ومن البديهي أن الوقوف على الأحاديث الشريفة والاستفادة منها تتطلب التثبت منها والتحقق من صدورها، أو الحصول على ما يجعلها حجة على المكلفين؛ حيث لا يمكن لنا الاستدلال بكل حديث روي عن المعصومين (عليهم السلام)؛ لوجود الأدلة النقلية والتاريخية التي تشير إلى وجود جملة من الكذابين والوضاعين الذين تلاعبوا في الأحاديث الشريفة حسب ما تملي عليهم أهواؤهم ومصالحهم الشخصية.
ولذلك يجب الوقوف على أحوال الرواة الذين حملوا إلينا تلك الأحاديث جيلا بعد جيل، حتى يحصل عندنا الاطمينان بصدور الرواية عنهم (عليهم السلام). وهذا ما يسمى ب " علم الرجال " الذي يتعين على كل فقيه يريد استنباط الأحكام الإلهام به على نحو يمكنه تمحيص الأحاديث والتثبت منها. ولذا لقى علم الرجال عناية فائقة من علماء الفريقين، فصنفوا فيه كتبا كثيرة وأصولا قيمة.
وممن وفقه الله تعالى بالتأليف في هذا المضمار من علماء الشيعة هو العلامة الميرزا محمد الأسترآبادي (م 1028 ق) في كتابه المسمى ب " منهج المقال في تحقيق أحوال الرجال " المعروف ب " رجال الكبير ". وحيث كان هذا الأثر كثير النفع، صار في مدة قليلة مشهورا عند علماء الحديث، بحيث كتبوا عليه الحواشي والشروح كثيرة، منها: الحاشية عليه لمحمد بن حسن العاملي، المعروف