هذا يصح جوابا لكل ما ورد في زرارة بن أعين وأمثاله من الخواص، وحاصله الحمل على التقية " م د ح ".
سوق الكلام في كثير من الأخبار الواردة فيهم يأبى هذا الحمل، نعم هذا الحمل يجري في مثل ما ذكر في كتاب ميزان الاعتدال على ما أفيد على عنوان زرارة هكذا: في كتاب ميزان الاعتدال للذهبي عن ابن السماك قال:
حججت فلقيني زرارة بن أعين [بالقادسية] فقال: إن لي إليك حاجة [وعظمها]، فقلت: ما هي؟ فقال:
إذا لقيت جعفر بن محمد [الصادق] فأقرئه عني (1) السلام وسله أن يخبرني أنا من أهل النار أو من أهل الجنة؟ فأنكرت ذلك عليه فقال [لي]: إنه يعلم ذلك...، فلما لقيت جعفر بن محمد أخبرته بما قال زرارة (2)، فقال: هو من أهل النار...، فقلت: ومن أين علمت ذلك؟ فقال: إن من ادعى علي علم ذلك (3) فهو من أهل النار، فلما رجعت لقيني زرارة، فأخبرته بما قال جعفر الصادق (4)، فقال: كان ذلك (5) من جراب النورة، قلت: وما جراب النورة؟ قال: عمل معك بالتقية (6)، انتهى.
أقول: هذا لمن سرق من جراب النورة شيئا من النورة بظن أنه دقيق، فأفرغه في جراب دقيقه وأفسد دقيقه، يعني: حفظت هذا منه وجعلته في جملة مروياتك وليس هذا منها. وهذه اللفظة في بعض الأخبار واقعة وفي كلام أصحابنا شائعة، فكان ينبغي أن تفسر ففسرناها.
ثم في كتاب كمال الدين لابن بابويه ما يصلح جوابا للروايات المشتملة على بعثة عبيد إلى المدينة وهو هكذا:
حدثنا أحمد بن زياد بن جعفر الهمداني (رضي الله عنه)...، عن علي بن إبراهيم بن هاشم...، عن محمد بن عيسى بن عبيد، عن إبراهيم بن محمد الهمداني (رضي الله عنه)، قال: قلت للرضا (عليه السلام): يا بن رسول الله أخبرني عن زرارة هل كان يعرف حق أبيك (عليه السلام)؟ فقال: نعم، فقلت له: فلم بعث ابنه عبيدا ليتعرف الخبر إلى من يوصي (7) الصادق جعفر بن محمد (عليه السلام)؟ فقال: إن زرارة كان يعرف أمر أبي (عليه السلام) ونص أبيه عليه وإنما بعث ابنه ليتعرف من أبي (عليه السلام) هل يجوز أن يرفع التقية في إظهار أمره ونص أبيه عليه وأنه لما أبطأ عنه ابنه طولب بإظهار قوله في أبي (عليه السلام)، فلم يحب أن يقدم على ذلك دون أمره، فرفع المصحف وقال:
اللهم إن إمامي من أثبت هذا المصحف إمامته من ولد جعفر بن محمد (عليه السلام) (8).
ويستفاد من هذه الرواية أن خلص أصحاب الأئمة [(عليهم السلام)] لا يذهب عنهم النص على الأئمة (عليهم السلام)، فكثير ممن يرمى فيه - كأبان بن عثمان وعبد الرحمن بن الحجاج - بمذهب فاسد، ليس على ما ينبغي " جع ".