ثم إن أطراف الواجب التخييري إن كان بينها جامع يمكن التعبير عنه بلفظ واحد، فإنه يمكن أن يكون البعث في مقام الطلب نحو هذا الجامع.
فإذا وقع الطلب كذلك فإن التخيير حينئذ بين الأطراف يسمى " عقليا " وهو ليس من الواجب التخييري المبحوث عنه، فإن هذا يعد من الواجب التعييني، فإن كل واجب تعييني كلي يكون المكلف مخيرا عقلا بين أفراده والتخيير يسمى حينئذ " عقليا ". مثاله: قول الأستاذ لتلميذه: " اشتر قلما " الجامع بين أنواع الأقلام من قلم الحبر وقلم الرصاص (1) وغيرهما، فإن التخيير بين هذه الأنواع يكون عقليا. كما أن التخيير بين أفراد كل نوع يكون عقليا أيضا.
وإن لم يكن هناك جامع مثل ذلك (2) - كما في مثال خصال الكفارة - فإن البعث إما أن يكون نحو عنوان انتزاعي كعنوان " أحد هذه الأمور " أو نحو كل واحد منها مستقلا ولكن مع العطف ب " أو " ونحوها مما يدل على التخيير. فيقال في النحو الأول مثلا: " أوجد أحد هذه الأمور " ويقال في النحو الثاني مثلا: " صم أو أطعم أو أعتق ". ويسمى حينئذ التخيير بين الأطراف " شرعيا " وهو المقصود من التخيير المقابل للتعيين هنا.
ثم هذا التخيير الشرعي تارة: يكون بين المتباينين كالمثال المتقدم، واخرى: بين الأقل والأكثر كالتخيير بين تسبيحة واحدة وثلاث تسبيحات في ثلاثية الصلاة اليومية ورباعيتها على قول (3). وكما لو أمر المولى برسم خط مستقيم - مثلا - مخيرا فيه بين القصير والطويل.
وهذا الأخير - أعني التخيير بين الأقل والأكثر - إنما يتصور فيما إذا