ولا إشكال عند العلماء في ورود ما ظاهره التوسعة في الشريعة، وإنما اختلفوا في جوازه عقلا على قولين: إمكانه (1) وامتناعه (2) ومن قال بامتناعه أول ما ورد (3) على الوجه الذي يدفع الإشكال عنده، على ما سيأتي.
والحق عندنا جواز الموسع عقلا ووقوعه شرعا.
ومنشأ الإشكال عند القائل بامتناع الموسع: أن حقيقة الوجوب متقومة بالمنع من الترك - كما تقدم - فينافيه الحكم بجواز تركه في أول الوقت أو وسطه.
والجواب عنه واضح، فإن الواجب الموسع فعل واحد، وهو طبيعة الفعل المقيد بطبيعة الوقت المحدود بحدين على ألا يخرج الفعل عن الوقت، فتكون الطبيعة بملاحظة ذاتها واجبة لا يجوز تركها، غير أن الوقت لما كان يسع لإيقاعها فيه عدة مرات، كان لها أفراد طولية تدريجية مقدرة الوجود في أول الوقت وثانية وثالثة... إلى آخره، فيقع التخيير العقلي بين الأفراد الطولية كالتخيير العقلي بين الأفراد العرضية للطبيعة المأمور بها، فيجوز الإتيان بفرد وترك الآخر من دون أن يكون جواز الترك له مساس في نفس المأمور به، وهو طبيعة الفعل في الوقت المحدود. فلا منافاة بين وجوب الطبيعة بملاحظة ذاتها وبين جواز ترك أفرادها عدا فرد واحد.
والقائلون بالامتناع التجأوا إلى تأويل ما ظاهره التوسعة في الشريعة، فقال بعضهم: بوجوبه في أول الوقت والإتيان به في الزمان الباقي يكون