وصرح بعض شراح كلامه بكون أخذ مفهوم الأمر مجردا عن اللفظ متفرعا على ثبوت الكلام النفسي، فلا ينافي القول به كونه تعالى آمرا وناهيا حسبما ورد في الكتاب العزيز.
ومنع بطلان اللازم ثانيا، فإن الأمر والنهي الواردين في الكتاب محمولان على ما تجرد عن اللفظ. غاية الأمر بناء على كونه مأخوذا في مفهوميهما عرفا ولغة لزوم التجوز في الاستعمال ولا حجر منه بعد مساعدة القرينة عليه، ولعل دليلهم القائم على الكلام النفسي لو تم صالح لأن يكون قرينة عليه فلا محذور.
وأما الثالث: فلمنع انحصار ما يعتبر في الخبر في الأمور الثلاث المذكورة، وما يعتبر في الإنشاء في الأمرين المذكورين.
أما سند الأول: فلأنه يعتبر في الخبر مع الأمور المذكورة رابع، وهو النسبة الذهنية، المفسرة بالنسبة القائمة بالذهن، المصرح في كلامهم بمغايرتها للنسبة الواقعية، تعليلا بأن حصولها في الذهن يحتاج إلى تعقل طرفيها الموضوع والمحمول ولا شئ من الواقعية بتلك المثابة، ولذا أعترض عليهم: بأن النسبة بهذا المعنى قائمة بطرفيها لا أنها قائمة بالذهن فلا وجه لجعلها قائمة به، فأجابوا عنه:
بأنها وإن كانت قائمة بطرفيها، غير أنهما قائمان بالذهن لحصولهما فيه، فقيامها بالذهن باعتبار قيام طرفيها به.
غاية الأمر، أن يلزم بإسناد القيام إليها ضرب من التجوز، ولا ضير فيه بعد وضوح المراد.
وكما أنهم صرحوا بمغائرتها للنسبة الواقعية، كذلك صرحوا بمغائرتها للعلم، المراد به الإذعان للنسبة والاعتقاد بها، تعليلا بأن المخبر كثيرا ما يخبر بما لا يعلم به بل بما يعلم خلافه، وهذا آية مغايرتها العلم، نظير ما قيل في المنطق في دفع كلام من لم يفرق في التصديق بين النسبة الحكمية والحكم، من الاعتراض عليه بوجود صورة الشك التي لا حكم فيها مع وجود النسبة الحكمية، فقضية هذه التصريحات المعللة بما سمعت مغايرة النسبة الذهنية للعلم مغائرة المعروض