وطريقه: أن يحرز فيه كلا مقدمتي الدليل أو إحداهما، صغرى كانت إن أخذت كبراه محرزة من الخارج، أو كبرى إن أخذت صغراه محرزة من الخارج، فكل نتيجة إذا كانت كل من مقدمتيها بينة بنفسها كالقضايا التي قياساتها معها لم يعقل أخذها مسألة لعلم، كما أنها لو كانت كل من مقدمتيها متبينة في علم آخر لم يعقل أخذها مسألة لعلم آخر غير العلم المذكور، بل لو فرض أن إحدى مقدمتيها متبينة في علم والمقدمة الأخرى متبينة في علم آخر لم يعقل كونها مسألة لعلم ثالث خارج عن العلمين، بل هي إما من مسائل هذا العلم أو ذاك العلم أو كليهما، ومتى أخذت مسألة لأحدهما كانت المقدمة المحرزة في العلم الآخر مأخوذة هنا من باب الأخذ بالمسلمات، وكذا لو فرض أن إحدى مقدمتي النتيجة بينة بنفسها والأخرى متبينة في علم لم يعقل كون النتيجة مسألة لعلم آخر غير ذلك العلم، فالواجب في مسألة العلم المعدودة من نتائج استدلالاته، حصول البحث عنها بإحراز ما يكون صغرى وكبرى معا، أو صغرى وحدها، أو كبرى كذلك، ولازمه كون الأخذ بالمقدمة الأخرى حاصلا من الخارج من باب أخذ المسلمات من المقدمات البينة بأنفسها أو المتبينة في علوم أخر.
وكثير من العلوم المدونة المتداولة ما كان كيفية البحث فيها إحراز الصغريات، تنضم إليها كبرى أو كبريات مسلمة مأخوذة من الخارج، كالعلوم العربية في غالب مسائلها، فإن كبرى الاستدلالات المأخوذة فيها مقدمة كلية بينة أو متبينة في الخارج، وهي أنه كلما ثبت جوازه عند أهل اللسان أو استقر بناؤهم عليه في الألفاظ الجارية على ذلك اللسان - مما يتعلق بالمادة فقط، أو الهيئة الإفرادية أو التركيبية وحدها، أو المجموع المركب من المادة والهيئة - فهو مما ثبت جوازه أو لزومه من رئسيهم وواضع ألفاظهم، فالصرفي في قلب حرف العلة " ألفا " عند تحركها وانفتاح ما قبلها على نحو اللزوم مثلا، لا يطالب منه إلا ما يكون صغرى لتلك الكلية، وهي كون ذلك القلب مما استقر عليه بناء أهل اللسان المعلوم بالتتبع واستقراء موارد استعمالاتهم، ولذا ترى لا يستدل على مطلبه إلا بموارد من