الاستعمالات الواردة في الأشعار والقصائد ونحوها، وكذا النحوي في رفع الفاعل لزوما وحذفه جوازا أو لزوما، واللغوي في إثبات معاني مفردات الألفاظ ومركباتها، وأهل المعاني والبيان في إثبات ما يرجع إلى البلاغة.
ومن هذا الباب علم الفقه الذي يبحث فيه الفقيه، فإنه لا يأخذ في استدلالاته إلا ما يكون صغرى مستنبطة عن الأدلة من الكتاب والسنة والإجماع الكاشف عن السنة والعقل الكاشف عنها أيضا، وله كبرى واحدة مسلمة مأخوذة من المسائل الكلامية، وهي كون شريعة نبينا (صلى الله عليه وآله) ودينه حقا، والأحكام المندرجة فيه ثابتة من الله سبحانه متوجهة إلينا فعلا، كما هي متوجهة إلى أصحاب النبي (صلى الله عليه وآله) فإن ذلك كما ترى من فروع صدق النبي (صلى الله عليه وآله) وثبوت نبوته الثابتين في الكلام.
فالفقيه بالاستدلال بالكتاب أو السنة أو الإجماع أو العقل أو غيره لا يقصد إلا إحراز صغريات لهذه الكبرى، وهي كون مؤديات تلك الأدلة من شريعة نبينا (صلى الله عليه وآله) التي أتى بها من الله سبحانه، فإذا انضم إليها الكبرى المذكورة يحصل النتائج التي هي مسائل الفقه، كوجوب الشئ الفلاني المستفاد من الكتاب، وحرمة الشئ الآخر المستفاد من السنة، واستحباب الشئ الثالث المستفاد من الإجماع، وكراهة أو إباحة الشئ الرابع المستفاد من العقل أو غيره.
وبذلك يندفع ما اعترضه الفاضل المعلل (1) في خروج الضروريات بما تقدم على من علله بأن الفقه ما يحصل بطريق النظر والضروريات غير حاصلة عن الدليل بالنظر، من منع خروجها بهذا الوجه ما لم يقدر الإضافة للعهد، لأن الضرورة لا تقتضي إلا ثبوت الأحكام الضرورية عن صاحب الشريعة، وأما ثبوتها في الواقع فيحتاج إلى صدق صاحب الشريعة وحقية شرعه ودينه، المتوقف على الاستدلال بالأدلة الكلامية، فالضروريات أيضا معلومة بالنظر والاستدلال، والعلم الحاصل فيها حاصل عن الدليل، فيجب في إخراجها عن " الفقه " إرادة العهد من الإضافة، الموجبة لحمل " الأدلة " على الأدلة المعهودة.