لكن يكفي في إخراجه ظهور التعلق في الحقيقي، وكذلك أصل الاحتياط في محل مفارقته أصل الاشتغال على القول بوجوبه، وكذلك أصالة التخيير عند دوران الأمر بين المحذورين، فإن الكل من واد واحد فخروجها أيضا يستند إلى ظهور " التعلق " في كونه بلا واسطة.
وإن كان المراد بها ثاني المعنيين الذي مرجعه إلى المسائل المدونة في أصول الفقه، فيرد عليه: أنها على ما سبق بيانه على أقسام:
فما كان منها من قبيل الأصول الأربع المتقدمة فقد اتضح حالها.
وما كان منها من قبيل المشتركات فقد عرفت سابقا أنها غير داخلة في الشرعية حتى يحتاج في إخراجها إلى قيد آخر، حتى أن بحث صيغة " إفعل " أيضا غير داخلة فيها وإن أولناها إلى ما تقدم من العبارة الموهمة، لتعلق حكمها بفعل المكلف بواسطة، فإن الحكم المأخوذ في تلك المسألة وجوب عرفي ينبغي أن يؤخذ من العرف لا من الشارع، ولذا يستند في الملازمة المدعاة فيها إلى القواعد العرفية، وأيضا فإن الوجوب المأخوذ فيها ملحوظ على الوجه الأعم من غير نظر إلى كونه من الشارع أو غيره.
ولا ريب أن الوجوب وغيره من الأحكام إذا لوحظ على هذا الوجه لا يؤخذ من الشارع ولا من شأنه أن يؤخذ منه، وأيضا إنما يلاحظ في تلك المسألة مفهوم الوجوب وغيره من غير نظر إلى مصاديقه. والذي يؤخذ من الشارع بعض مصاديق هذا المفهوم.
وما كان منها من قبيل المبادئ اللغوية فأوضح خروجا عن الشرعية.
وما كان منها من قبيل المبادئ الأحكامية، فمنه ما هو خارج أيضا بقيد " الشرعية " ومن هذه الجملة وجوب المقدمة بناء على جعله من المبادئ وإن قررناه سابقا بحيث أوهم تعلقه بالعمل بواسطة، لرجوع البحث فيه إلى الملازمة العقلية بين وجوب شئ ووجوب مقدماته، فإن الملازمة على فرض ثبوتها حكم عقلي صرف، وعلى فرض كونها حكما شرعيا ليست متعلقة بالعمل وإنما هي أمر