إلى هذا القفال وغيره، قال القشيري: وهذا ليس بشئ، لان حمل اللقاء في موضع على الجزاء لدليل قائم لا يوجب هذا التأويل في كل موضع، فليحمل اللقاء على ظاهره في هذه الآية، والكفار كانوا ينكرون الصانع، ومنكر الرؤية منكر للوجود!
قوله تعالى: (حتى إذا جاءتهم الساعة بغتة) سميت القيامة بالساعة لسرعة الحساب فيها. ومعنى (بغتة) فجأة، يقال: بغتهم الامر يبغتهم بغتا وبغتة. وهي نصب على الحال، وهي عند سيبويه مصدر في موضع الحال، كما تقول: قتلته صبرا، وأنشد: (1) فلايا بلاي ما حملنا وليدنا * على ظهر محبوك ظماء مفاصله ولا يجيز سيبويه أن يقاس عليه، لا يقال: جاء فلان سرعة.
قوله تعالى: (قالوا يا حسرتنا) وقع النداء على الحسرة وليست بمنادي في الحقيقة، ولكنه يدل على كثرة التحسر، ومثله يا للعجب ويا للرخاء وليسا بمنادين في الحقيقة، ولكنه يدل على كثرة التعجب والرخاء، قال سيبويه: كأنه قال يا عجب تعال فهذا زمن إتيانك، وكذلك قولك يا حسرتي [أي يا حسرتا] (2) تعالى فهذا وقتك، وكذلك ما لا يصح نداؤه يجرى هذا المجرى، فهذا أبلغ من قولك تعجبت. ومنه قول الشاعر:
* فيا عجبا من رحلها المتحمل (3) * وقيل: هو تنبيه للناس على عظيم ما يحل بهم من الحسرة، أي يا أيها الناس تنبهوا على عظيم ما بي من الحسرة، فوقع النداء على غير المنادى حقيقة، كقولك: لا أرينك ها هنا. فيقع النهي على غير المنهي في الحقيقة.