يستأنى بها إلى الوقت الذي يقول أهل المعرفة إنها لا تنبت، فإذا كان ذلك كان فيها قدرها تاما، على ظاهر الحديث، وإن نبتت رد الأرش. وأكثر من يحفظ عنه من أهل العلم يقولون: يستأنى بها سنة، روي ذلك عن علي وزيد وعمر بن عبد العزيز وشريح والنخعي وقتادة ومالك وأصحاب الرأي. ولم يجعل الشافع لهذا (1) مدة معلومة.
السادسة عشرة - إذا قلع سن الكبير فأخذ ديتها ثم نبتت، فقال مالك لا يرد ما أخذ.
وقال الكوفيون: يرد إذا نبتت. وللشافعي قولان: يرد ولا يرد، لان هذا نبات لم تجربه عادة، ولا يثبت الحكم بالنادر، هذا قول علمائنا. تمسك الكوفيون بأن عوضها قد نبت فيرد، أصله سن الصغير. قال الشافعي: ولو جنى عليها جان آخر وقد نبتت صحيحة كان فيها أرشها تاما. قال ابن المنذر: هذا أصح القولين، لان كل واحد منهما قالع سن، وقد جعل النبي صلى الله عليه وسلم في السن (2) خمسا من الإبل.
السابعة عشرة - فلو قلع رجل سن رجل فردها صاحبها فالتحمت فلا شئ فيها عندنا.
وقال الشافعي: ليس له أن يردها من قبل أنها نجسة، وقاله ابن المسيب وعطاء. ولو ردها أعاد كل صلاة صلاها لأنها ميتة، وكذلك لو قطعت أذنه فردها بحرارة الدم فالتزقت مثله.
وقال عطاء: يجبره السلطان على قلعها لأنها ميتة ألصقها. قال ابن العربي: وهذا غلط، وقد جهل من خفي عليه أن ردها وعودها بصورتها لا يوجب عودها بحكمها، لان النجاسة كانت فيها للانفصال، وقد عادت متصلة، وأحكام الشريعة ليست صفات للأعيان، وإنما هي أحكام تعود إلى قول الله سبحانه فيها وإخباره عنها.
قلت: ما حكاه ابن العربي عن عطاء خلاف ما حكاه ابن المنذر عنه، قال ابن المنذر:
واختلفوا في السن تقلع قودا ثم ترد مكانها فتنبت، فقال عطاء الخراساني وعطاء بن أبي رباح:
لا بأس بذلك. وقال الثوري وأحمد وإسحق: تقلع، لان القصاص للشين. وقال الشافعي:
ليس له أن يردها من قبل أنها نجسة، ويجبره السلطان على القلع.