ضيقها، فصار كأنه إذا سجن فقد نفي من الأرض إلا من موضع استقراره، واحتجوا بقول بعض أهل السجون في ذلك:
خرجنا من الدنيا ونحن من أهلها * فلسنا من الأموات فيها ولا الأحيا إذا جاءنا السجان يوما لحاجة * عجبنا وقلنا جاء هذا من الدنيا حكى مكحول أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أول من حبس في السجون وقال: أحبسه حتى أعلم منه التوبة، ولا أنفيه من بلد إلى بلد فيؤذيهم، والظاهر أن الأرض في الآية هي أرض النازلة وقد تجنب الناس قديما الأرض التي أصابوا فيها الذنوب، ومنه الحديث (1) (الذي ناء بصدره ونحو الأرض المقدسة). وينبغي للامام إن كان هذا المحارب مخوف الجانب يظن أنه يعود إلى حرابة أو إفساد أن يسجنه في البلد الذي يغرب إليه، وإن كان غير مخوف الجانب [فظن أنه لا يعود إلى جناية] (2) سرح، فال ابن عطية: وهذا صريح مذهب مالك أن يغرب ويسجن حيث يغرب، وهذا على الأغلب في أنه مخوف، ورجحه الطبري وهو الواضح (3)، لان نفيه من أرض النازلة هو نص الآية، وسجنه بعد بحسب الخوف منه، فإن تاب وفهمت حاله سرح.
الخامسة - قوله تعالى: " أو ينفوا من الأرض " النفي أصله الاهلاك، ومنه الاثبات والنفي، فالنفي الاهلاك بالاعدام، ومنه النفاية لردي المتاع، ومنه النفي لما تطاير من الماء عن الدلو.
قال الراجز: (4) كأن متنيه (5) من النفي * مواقع الطير على الصفي السادسة - قال ابن خويزمنداد: ولا يراعى المال الذي يأخذه المحارب نصابا كما يراعى في السارق. وقد قيل: يراعى في ذلك النصاب ربع دينار، قال ابن العربي قال الشافعي