ووضوء أبي إبراهيم) وذلك لا يصح، قال غيره: ليس هذا بمعارض لقوله عليه السلام:
(لكم (1) سيما ليست لغيركم) فإنهم كانوا يتوضئون، وإنما الذي خص به هذه الأمة الغرة والتحجيل لا بالوضوء، وهما تفضل من الله تعالى اختص بهما هذه الأمة شرفا لها ولنبيها صلى الله عليه وسلم كسائر فضائلها على سائر الأمم، كما فضل نبيها صلى الله عليه وسلم بالمقام المحمود وغيره على سائر الأنبياء، والله أعلم. قال أبو عمر (2): وقد يجوز أن يكون الأنبياء يتوضئون فيكتسبون بذلك الغرة والتحجيل ولا يتوضأ أتباعهم، كما جاء عن موسى عليه السلام قال: " يا رب أجد أمة كلهم كالأنبياء فاجعلها أمتي " فقال له: " تلك أمة محمد " في حديث فيه طول. وقد روى سالم بن عبد الله بن عمر عن كعب الأحبار أنه سمع رجلا يحدث أنه رأى رؤيا في المنام أن الناس قد جمعوا للحساب، ثم دعي الأنبياء مع كل نبي أمته، وأنه رأى لكل نبي نورين يمشي بينهما، ولمن اتبعه من أمته نورا واحدا يمشي به، حتى دعي بمحمد صلى الله عليه وسلم فإذا شعر رأسه ووجهه نور كله يراه كل من نظر إليه، وإذا لمن اتبعه من أمته نوران كنور الأنبياء، فقال له كعب وهو لا يشعر أنها رؤيا: من حدثك بهذا الحديث وما علمك به؟
فأخبره أنها رؤيا، فأنشده كعب، الله الذي لا إله إلا هو لقد رأيت ما تقول في منامك؟ فقال:
نعم والله لقد رأيت ذلك، فقال كعب: والذي نفسي بيده - أو قال والذي بعث محمدا بالحق - إن هذه لصفة أحمد وأمته، وصفة الأنبياء في كتاب الله، لكأن ما تقوله من التوراة. أسنده في كتاب " التمهيد " قال أبو عمر: وقد قيل إن سائر الأمم كانوا يتوضئون والله أعلم، وهذا لا أعرفه من وجه صحيح. وخرج مسلم عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (إذا توضأ العبد المسلم أو المؤمن (3) فغسل وجهه خرج من وجهه كل خطيئة نظر إليها بعينيه مع الماء أو آخر قطر الماء فإذا غسل يديه خرج من يديه كل خطيئة كان بطشتها يداه مع الماء أو مع آخر قطر الماء فإذا غسل رجليه خرجت كل خطيئة كان مشتها رجلاه مع الماء أو مع آخر قطر السماء حتى يخرج نقيا من الذنوب). وحديث مالك عن عبد الله الصنابحي