بالعقاب أن التوبة يستحق بها الثواب لأنها طاعة والطاعة يستحق بها الثواب] 1).
وإنما قلنا أنها لا تسقط العقاب عقلا أنها لو أسقطت لم يخلو أن يسقط بكثرة المستحق عليها من الثواب أو لوجه آخر، فإن كان الأول فقد أفسدناه من حيث أفسدنا القول بالاحباط، وإن كان إسقاطها من حيث كانت بدلا للجهود - على ما يقولونه - فما الدليل على ذلك، لأنا لا نسلم.
ومتى حملوا التوبة على الاعتذار وأن الاعتذار يقبح معه المؤاخذة فنحن نخالف في الاعتذار كما نخالف في التوبة.
ومتى قيل: لو لم يسقط العقاب لقبح تكليف الفاسق المستحق للعقاب، لأن التكليف إنما يحسن تعريضا. والفاسق مع استحقاقه للعقاب لا يجوز أن يستحق الثواب، فيجب له أن يكون له طريق إلى إسقاط عقابه لينتفع بالثواب الذي عرض له، فليس ذلك إلا التوبة. وإذا فعلها اجتمع له استحقاقان معا، والعقل غير مانع منه، وقد بيناه فيما مضى.
ولو صح لكم أنهما لا يجتمعان لصح ما قلتم، ولو صح لكم في التوبة فلا ينبغي أن يبنى الشئ على نفسه.
ولو سلمنا أنه لا بد أن يكون له طريق إلى الانتفاع بما كلف فعله فقد فعل الله له ذلك، بأن بين بالسمع أنه يعفو عند التوبة، فمن أين أن ذلك بحكم العقل. ولو خلينا والعقل لما أوجبنا التوبة ولكن لما أجمعت الأمة على وجوب التوبة قلنا بوجوبها وعلمنا أن لنا فيها مصلحة ولطفا، ولولا السمع لما علمناه.
فإذا ثبت أن بالسمع يعلم زوال العقاب عند التوبة فيجب أن نقول التوبة التي يسقط العقاب بها ما أجمعت الأمة على سقوط العقاب عندها دون المختلف فيه، والذي أجمعت عليه هو أنه إذا ندم على القبيح لكونه قبيحا وعزم على