الشفاعة والتوبة. والاستغفار إن اتفق منا أو وقع ما يحتاج معه إلى التوبة والشفاعة فذلك جائز مشروط.
ومتى قالوا: السمع منع من جواز العفو في آي كثيرة من القرآن نحو قوله تعالى " ومن يعص الله ورسوله ويتعد حدوده يدخله نارا خالدا فيها " 1) وقوله " ومن يظلم منكم نذقه عذابا كبيرا " 2) و " من يعمل سوءا يجز به " 3) و " إن الفجار لفي جحيم " 4) وما أشبه ذلك من الآيات.
قلنا: لنا في ذلك ثلاثة أوجه من الكلام:
(أحدها) أن نبين أن العموم لا صيغة له، بل الظاهر أنه يحتمل الخصوص والعموم، فإذا احتمل ذلك جاز أن يراد بها الكفار دون فساق أهل الصلاة، والكلام في ذلك ذكرناه في شرح الجمل وغير ذلك لا نطول بذكره ههنا.
(والثاني) أن يعارض هذه الآيات بآيات مثلها تتضمن القطع على الغفران، كقوله تعالى " إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء " 5) وقوله " إن ربك لذو مغفرة للناس على ظلمهم " 6) وقوله " إن الله يغفر الذنوب جميعا " 7) وغير ذلك.
(وثالثها) أن نبين أن الآيات متروكة الظاهر وانهم شرطوا فيها كبير المعصية وعدم التوبة، فإذا شرطوا هذين الشرطين شرطنا شرطا ثالثا، وهو من لا يعفو عنه ابتداءا أو بالشفاعة ويسلم باقي عمومها.