وهذا خبر تلقته الأمة بالقبول، فلا يمكن أن يقال أنه خبر واحد.
وليس لهم أن يحملوا الخبر على زيادة المنافع لمن تاب لأمرين: أحدهما أنا بينا أن حقيقة الشفاعة في إسقاط المضار، الثاني أنه لا يخلو أن يشفع فيهم بعد التوبة، فلا يمكنهم الانتفاع بالمنافع مع أنهم في النار. وإن كان بعد التوبة فلا يسمون أهل الكبائر كمال ا يسمى من تاب من كفره كافرا، فعلم أن المراد ما قلناه في إسقاط الضرر.
ولا يعارض ذلك قوله تعالى " ما للظالمين من حميم ولا شفيع يطاع " 1) وقوله " وما للظالمين من أنصار " 2) وقوله " ولا يشفعون إلا لمن ارتضى " 3) وقوله " ولا تقبل لهم شفاعة " 4) من وجوه:
أحدها أن العموم لا صيغة له على مذهب كثير من أصحابنا، فمن أين أنه أراد العموم دون الخصوص، والكلام في ذلك مذكور في مواضع كثيرة لا نطول بذكره ههنا. فعلى هذا تكون الآيات مختصة بالكفار، وقد سمى الله تعالى الشرك ظلما في قوله " إن الشرك لظلم عظيم " 5). على أنه نفى في الآية الأولى شفيعا مطاعا، ونحن لا نقول ذلك ولم ينف شفيعا مجازا. ولا يمكن الوقف على قوله " ولا شفيع يطاع "، لأن ذلك خلاف جميع القراء. ثم لا يمكن البدأة بقوله " يطاع " لأن الفعل لا يدخل على الفعل بعده قوله " يعلم "، وإن قدر يطاع الذي يعلم كان ذلك تركا للظاهر، وعلى ما قلناه لا يحتاج إلى تقدير.