والمدح والشكر، لأنه لا ضرر في جميع ذلك باستيفائه. ولا يلزم الذم لأنه ليس بضرر حقيقي، ولأنه حق للفاعل والمفعول به على ما مضى بيانه.
فإن قيل: لم لا يجوز أن يكون فيه وجه من وجوه القبح، فلا يحسن بإسقاطه؟
قلنا: وجوه القبح معقولة، أما الظلم أو الكذب أو العبث أو المفسدة أو الاغراء بالقبيح، وكل ذلك منتف ههنا، فوجب أن يكون حسنا.
وإنما قلنا " ليس بمفسدة ولا إغراء بالقبيح " لأن العفو إنما يقع في الآخرة ولا تكليف هناك ولا مفسدة فيه.
وليس لأحد أن يقول: في الأطماع به إغراء. وذلك أن هذا باطل، لأن في المكلفين من إذا ارتفع طمعه في العفو كان أقرب إلى ارتكاب القبائح وفيهم من يكون بخلافه، فالأحوال مختلفة.
ومتى قالوا: إنه متى طمع خرج من كونه مزجورا.
قيل: هذا لا يجوز، لأن الزجر حاصل بتجويز عقابه، وكيف لا يكون مزجورا. ولو أخرجه ذلك عن كونه مزجورا لكان في زمان مهلة النظر وتجويزه أن لا يستحق العقاب أصلا مغرى بالقبائح ولا يكون مزجورا والمعلوم خلافه، ويلزم أن يكون غير مزجور إذا طمع في العفو بالتوبة، وكل ذلك باطل.
فإذا ثبت أن العقاب يسقط بالعفو فالعفو أن يقول: أسقطت عقاب زيد وسمحت بعقابه. فيسقط ويقبح مؤاخذته بعد ذلك ويجري مجرى المطالبة بالدين بعد الابراء والاسقاط.
وأما التوبة فإنها تسقط العقاب عندها تفضلا من الله تعالى، وأجمع المسلمون على سقوط العقاب عند التوبة، ولولا السمع لما علمنا ذلك، [وإنما نعلم